تبين أن اطلاقات أدلة الأوامر الاضطرارية كالآية الشريفة والروايات ونحوها لا تشمل الاضطرار غير المستوعب لتمام الوقت، وعلى هذا فلو صلى المكلف في أول الوقت مع الطهارة الترابية ثم ارتفع العذر في آخر الوقت وتمكن من الطهارة المائية، وجبت عليه إعادة الصلاة مع الطهارة المائية، فيكون مقتضى القاعدة فيه عدم الاجزاء. وأما إذا كان العذر مستوعبا لتمام الوقت، فقد تقدم أن مقتضى اطلاق أدلتها الاجزاء، هذا تمام الكلام في مقتضى الأصل اللفظي.
وأما الكلام في مقتضى الأصل العملي فيما إذا شك في أن الاتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري في أول الوقت، هل يجزي عن الاتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي في آخر الوقت أو لا؟ فيه وجهان:
فذهب المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) إلى أن مقتضاه الاجزاء، وذلك لأصالة البراءة عن وجوب الإعادة عند الشك فيه (1)، وفي مقابل ذلك قول بعدم الاجزاء، وذلك لأصالة الاشتغال فيه، بدعوى أن المكلف يعلم بأن ذمته مشغولة بالصلاة مع الطهارة المائية الجامعة بين فردها المقدور وهو فردها في آخر الوقت وغير المقدور وهو فردها في أول الوقت، ولا مانع من وجوب الجامع بين المقدور وغير المقدور، لأنه مقدور، ويشك في سقوطها عن ذمته بالصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت وهو مورد لقاعدة الاشتغال دون البراءة، لأن الشك في السقوط لا في الثبوت.
ولكن هذا القول خارج عن محل الكلام، لأن محل الكلام إنما هو في إجزاء الاتيان بالصلاة مع الطهارة الترابية المأمور بها بالأمر الاضطراري في أول الوقت