الله تعالى، فإن معنى ذلك أن كل شيء لا يوجد في الخارج إلا بقدرة الله وسلطنته، غاية الأمر قد يوجد بلا واسطة وقد يوجد مع الواسطة كأفعال العباد، فإنها توجد بقدرته تعالى وسلطنته مع الواسطة وهي حياة العباد وقدرتهم وعلمهم وما شاكل ذلك، ولولا وجود هذه الواسطة استحال تحقق الفعل من العبد في الخارج، ومن هنا قلنا أن وقوع الفعل منه وتحققه اختيارا مشروط ببقاء مباديه فيه.
نعم لو أريد من أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله التأثير بدون الواسطة، فهو غير صحيح ولا يعقل أن يكون المراد منه ذلك، فهذا الوجه لا يرجع إلى معنى معقول.
الوجه الثالث: أن الله تعالى عالم بأفعال العبد بكافة خصوصياتها من كمها وكيفها وأينها ومتاها ووضعها ونحو ذلك، ومن الطبيعي أنه لابد من وقوعها منه في الخارج على طبق علمه سبحانه وتعالى لا على طبق اختيار العبد وإلا لزم تخلفه عنها وهو مستحيل، ثم إن الاستدلال بهذا الوجه تارة يكون مبنيا على أن أفعال العباد لو لم يجب وقوعها في الخارج على طبق علمه تعالى بها لكان علمه جهلا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وعليه فلابد من الالتزام بوقوعها خارجا في إطار علمه سبحانه وتعالى ولا يمكن التخلف عنه، ومن الواضح أن العباد لو كانوا مختارين في أفعالهم لوقع التخلف في غير مورد وهو محال، وقد صرح بذلك صدر المتألهين بقوله ومما يدل على ما ذكرناه من أنه ليس من شرط كون الذات مريدا وقادرا إمكان أن لا يفعل، حيث أن الله تعالى إذا علم أنه يفعل الفعل الفلاني في الوقت الفلاني فذلك الفعل لو لم يقع لكان علمه جهلا وذلك محال والمؤدي إلى المحال محال، فعدم وقوع ذلك الفعل محال، فوقوعه واجب