والأمر في الواجب التعبدي والتوصلي معا متعلق بها، فلا فرق بينهما من هذه الناحية، وإنما الفرق بينهما في أن الغرض من الأمر التوصلي مترتب على الاتيان بذات الفعل، فيسقط بمجرد الاتيان به، بينما الغرض من الأمر التعبدي لا يترتب إلا على الاتيان به بقصد القربة.
الثالث: أن عبادية الواجب التعبدي إنما هي بالأمر الثاني، فإن الواجب إذا كان توصليا، فلا يوجد فيه إلا أمر واحد متعلق بذات الفعل، وأما إذا كان تعبديا، فلابد فيه من أمران:
أحدهما. متعلق بذات الفعل، والآخر متعلق بالاتيان به بقصد امتثال الأمر الأول. الفارق الأول بين الواجب التعبدي والتوصلي في المتعلق.
أما الكلام في الفارق الأول فيقع في مقامين:
الأول: في إمكان أخذ خصوص قصد امتثال الأمر في متعلق نفسه.
الثاني: في إمكان أخذ سائر الدواعي القريبة في متعلقه.
أما الكلام في المقام الأول، فالمشهور بين المحققين من الأصوليين عدم امكان اخذه فيه، وقد استدل على ذلك بعدة وجوه:
الأول: ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من أن كل قيد في القضية أخذ مفروض الوجود في مرحلة الجعل، فمعناه أن الحكم فيها معلق على وجوده وتحققه في الخارج، فما لم يتحقق فلا حكم فيه، ومن هنا لا يكون المكلف ملزما بإيجاده، لأن معنى أخذه مفروض الوجود في مقام الجعل أنه لا حكم ولا ملاك قبل وجوده، فإذن لا مبرر لالزام المكلف بإيجاده، لأن معنى أخذه مفروض الوجود أنه قيد للوجوب، ومعنى الزام المكلف بإيجاده أنه قيد اختياري للواجب وبين