يمكن علاج هذه المشكلة بها. إلى هنا قد تبين أنه لا يمكن حل مشكلة العقاب إلا على ضوء مذهب الامامية ومذهب المعتزلة، وحيث أن الثاني باطل فلابد أن يكون حلها على طبق مذهب الامامية.
نتيجة المسألة عدة نقاط:
الأولى: أن صدر المتألهين قد حاول لعلاج مشكلة قبح العقاب على الأمر الخارج عن الاختيار بأنه من آثار الأفعال القبيحة، اما على القول بتجسم تلك الأعمال بالصور المخوفة في الآخرة أو على القول بأنه من لوازمها وليس من معاقب خارجي، وهذه المحاولة وإن كانت تدفع مشكلة قبح العقاب على أمر خارج من الاختيار، فإن العقاب إنما يتصف بالقبح إذا كان من معاقب خارجي لا مطلقا، ولكن تبقى أصل المشكلة وهي أن أفعال العباد إذا كانت غير اختيارية وكان صدورها بقضاء الله وقدره، لزم لغوية التكليف بارسال الرسل وإنزال الكتب.
الثانية: أن أبي الحسن البصري قد حاول لعلاج تلك المشكلة بأن العقاب والثواب ليسا على فعل العبد الصادر منه في الخارج بغير اختيار بل على كسب العبد واكتسابه.
ولكن هذه المحاولة لا ترجع إلى معنى محصل، لأنه إن أريد بالكسب والاكتساب العنوان الطارئ على العبد، فيرد عليه مضافا إلى عدم واقع موضوعي له في الخارج انه طارئ عليه قهرا، باعتبار أن منشأه الفعل الخارجي وهو صادر منه كذلك وبغير الاختيار، فإذن يكون العقاب عليه عقاب على أمر خارج عن الاختيار، وإن أريد به واقعه الخارجي، فيرد عليه إن واقعه هو الفعل الصادر منه في الخارج والمفروض أنه غير اختياري.