ومنشأه صدور الفعل منه في الخارج كذلك، فإذن استحقاق العقاب عليه لا يحل مشكلة قبح العقاب على أمر خارج عن الاختيار هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن الكسب والاكتساب ليس شيئا آخر في الخارج وراء فعله فيه، فإذن لا معنى لاستحقاق العقاب عليه دون الفعل الخارجي. ومن هنا يظهر أن المراد من الكسب في الآية الشريفة واقعه الموضوعي وهو الفعل الخارجي لا عنوانه الذهني الانتزاعي.
المحاولة الثالثة: ما ذكره الباقلاني من أن الثواب والعقاب إنما هو على عنوان الطاعة والمعصية، بدعوى أن الفعل الخارجي وإن كان يصدر من العبد بغير اختياره إلا أن جعله معنونا بعنوان الطاعة أو المعصية بيده واختياره، فإذن لا يكون العقاب عليها عقابا على أمر خارج عن الاختيار حتى يكون قبيحا عقلا (1).
والجواب: أن هذه المحاولة غريبة جدا، لأن صدور الفعل من العبد إذا كان غير اختياري فكيف يكون اتصافه بالطاعة أو المعصية اختياريا وبيده، ضرورة أن اتصافه بها وكونه مصداقا لها بعد تحققه في الخارج قهري، غاية الأمر إن كان الفعل اختياريا وبيده كان اتصافه بها أيضا بيده لكن بالواسطة لا بالمباشرة، وإن لم يكن الفعل بيده واختياره لم يكن اتصافه بها أيضا بيده لا بالمباشرة ولا بالواسطة، فمن أجل ذلك لا ترجع هذه المحاولة إلى معنى معقول.
المحاولة الرابعة: أن عقاب العبد وحسابه عند الأشاعرة مبني على أفكار الحسن والقبح العقليين ومع الانكار لا تبقى مشكلة من هذه الناحية، لأن العقل