معينا، وعلى هذا فالعقل النظري كما يدرك هذه الأشياء الواقعية وغيرها لوجوده تعالى وصفاته الذاتية العليا وغيرها، كذلك يدرك أن صدور الظلم منه تعالى قبيح في الواقع وصدور البدل منه حسن، فإن الذي لا يمكن هو ادراك العقل العملي ما ينبغي لله تعالى فعله ومالا ينبغي، فإنه تعيين الوظيفة له تعالى ومرجعه إلى استحقاق المدح على الأول والذم على الثاني وهو كما ترى. ومن هنا لا شبهة في أن العقل يدرك أن المحاسبة والعقاب على فعل غير اختياري ظلم وقبيح كمحاسبة المرتعش وعقابه على حركة يده أو محاسبة الشخص وعقابه على حركة أمعائها عند الخوف وهكذا.
المحاولة السادسة: ما ذكره المحقق الخراساني (قدس سره) من أن العقاب يتبع الكفر والعصيان التابعان للاختيار الناشئ عن مقدماته الناشئة عن شقاوتهما الذاتية اللازمة لخصوص ذاتهما، فان السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه والناس معادن كمعادن الذهب والفضة كما في الخبر. والذاتي لا يعلل، فانقطع السؤال أنه لما جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا، فإن السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي كذلك، وإنما أوجدهما الله تعالى (قلم اينجا رسيد وسر بشكست) (1) هذا، وذكر السيد الأستاذ (قدس سره) أن ما ذكره في هذه المحاولة مبني على أن العقاب ليس من معاقب خارجي حتى يلزم المحذور المتقدم وهو العقاب على أمر خارج عن الاختيار، بل هو من لوازم الأعمال السيئة التي لا تنفك عنها، لأن نسبة العمل إلى العقاب كنسبة الثمر إلى البذر، ومن الطبيعي أن البذر إذا كان صحيحا كان نتاجه صحيحا، وإذا كان فاسدا كان نتاجه فاسدا هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن تلك الأعمال تصدر من الانسان بالإرادة، والإرادة بتمام مقدماتها غير