تكون أفعاله تحت قدرته وسلطنته مستقلا باعتبار أنه بقاء واجب الوجود وغني عن كل شيء، ومن الواضح أن مرد هذا إلى تحديد قدرته تعالى وسلطنته بحدوث الأشياء بعد العدم دون الأعم منه ومن البقاء.
وهذه النقطة خاطئة جدا لأن سر حاجة الأشياء إلى العلة هو امكانها الوجودي الذي هو كامن في صميم كيانها وكنه حقيقتها، ومعنى ذلك أنها عين الحاجة إلى العلة والتعلق بها لا شيء له الحاجة والتعلق وإلا ليذهب إلى مالا نهاية له، والنكتة في ذلك أن المعلول بالمفهوم الفلسفي يتولد من العلة وينبثق منها ذاتا على أساس مبدأ التناسب والسنخية، ولهذا لا يملك المعلول وجودا مستقلا حرا وراء ارتباطه بالعلة، بداهة أنه لو كان يملك وجودا كذلك وراء ارتباطه وتعلقه بها فلا يعقل أن يكون متولدا ومنبثقا عنها ذاتا، ومن هنا يختلف ارتباط المعلول بالعلة عن سائر ألوان الارتباط كارتباط القلم بالكاتب وارتباط اللوح بالرسام وارتباط الكتاب بالقارئ وهكذا، فإن الارتباط في هذه الموارد يعرض على شيئين كان كل منهما يملك وجودا بصورة مستقلة عن الآخر في المرتبة السابقة، ولهذا يكون الارتباط بينهما عرضيا، وهذا بخلاف الارتباط بين العلة والمعلول فإنه ذاتي وكامن في صميم كيانه ووجوده ولا يملك حقيقة وراء ارتباطه بالعلة، وإلا فلا يعقل أن يكون معلولا لها ووليدها.
وبكلمة، أن الشئ إذا كان يملك وجودا بصورة مستقلة استحال أن يكون خاضعا لمبدء العلية، فإن الخاضع له انما هو الشئ الذي لا يملك الوجود كذلك، وعلى هذا فالشئ الممكن لا يملك حقيقة ووجودا متحررا مستقلا عن العلة وإلا لكان واجبا لا ممكنا، وإنما يملك حقيقة تعلقية ارتباطية بها ذاتا، وعلى هذا فلا فرق بين الحدوث والبقاء في الحاجة إلى العلة والارتباط بها، إذ كما أن