أما الكلام في المقام الأول وهو ما إذا شك في كون الواجب تعيينيا أو تخييريا، فلا شبهة في أن مقتضى الاطلاق التعيين فالتخيير بحاجة إلى دليل، أما على القول بأن حقيقة الوجوب التخييري ترجع إلى أن المجعول وجوبات متعددة مشروطة، فمقتضى الاطلاق عدم الاشتراط وأن المجعول وجوب واحد، وأما على القول بأنها ترجع إلى وجوب واحد مجعول للجامع، فمقتضى اطلاق المادة أن الواجب هو متعلق الأمر بعنوانه الخاص لا أنه فرد للواجب، مثلا إذا أمر المولى بصوم شهرين وشككنا في أنه واجب تعييني أو تخييري، فمقتضى اطلاق المادة أن الصوم بعنوانه واجب لا أن الواجب هو الجامع والصوم فرد له، فإنه بحاجة إلى قرينة بل لا مانع من التمسك بالاطلاق الأحوالي للهيئة، فإن سكوت المولى عن بيان العدل له وعدم سقوطه بفعل آخر كاطعام ستين مسكينا مثلا يدل بالالتزام على أنه واجب تعييني.
والخلاصة: أن ثبوت الوجوب التخييري على جميع الأقوال في المسألة متوقف على مؤونة زائدة، بينما ثبوت الوجوب التعييني لا يتوقف عليها، ولهذا إذا دار الأمر بينهما في مقام الاثبات، فمقتضى اطلاق الأمر الوجوب التعييني، تحصل أن مفاد الأمر مادة وهيئة هو الوجوب النفسي التعييني وإرادة الوجوب الغيري أو التخييري منه بحاجة إلى قرينة.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو مقتضى الأصل العملي عند الشك في كون الواجب تعيينيا أو تخييريا، فالظاهر هو أصالة البراءة عن التعيين لأن فيه كلفة زائدة لا في التخيير، وذلك لأن مرد التخيير لا يخلو من أن يكون إلى جعل وجوبات متعددة المشروطة أو إلى جعل وجوب واحد على الجامع والتخيير بين أفراده، وعلى كلا التقديرين فمرجع الشك فيه إلى الشك في التعيين والتخيير، فإذا