لأحدهما على الآخر فلا محالة اختار أحدهما ولا يبقى واقفا أمامهما، فلو كان الفعل متوقف على وجود مرجح لبقي واقفا وهو خلاف الضرورة وهكذا.
وإن شئت قلت: أن المرجح إن كان بنحو الوجوب لصدور الفعل من الفاعل فهو مضافا إلى أنه خلاف الوجدان، خلف فرض كونه تحت اختياره وسلطنته، وإن لم يكن كذلك فوجوده وعدمه على حد سواء، وحينئذ فوجود الفعل لا محالة مستند إلى السلطنة فحسب لا إليها مع ضميمة شيء آخر وإلا لزم الخلف.
الخامسة: أن مدرسة المحقق النائيني (قدس سره) قد أصرت على أن الاختيار فعل نفساني وراء الفعل الخارجي ويعبر عنه تارة بالمشيئة وأخرى باعمال القدرة وثالثة بالاختيار، وقيامه بالنفس قيام الفعل بالفاعل لا قيام الصفة بالموصوف والحال بالمحل، فالفعل الخارجي مرتبط بالاختيار واعمال القدرة من النفس.
وهذا الفعل النفساني ليس معلولا للإرادة بل هو فعل النفس وتحت سلطانها وقدرتها مباشرة كانت هناك إرادة أم لم تكن، ولذلك كان بامكان النفس بعد الإرادة أن تقوم باعمال قدرتها نحو الفعل في الخارج وأن لا تقوم بأعمالها، فليست بعدها مقهورة ومضطرة إلى التحرك، ولا فرق في سلطنة النفس على الفعل بين وجود الإرادة فيها وعدم وجودها، فإنها إن شائت الفعل فعلت وإن لم تشأ لم تفعل سواءا كانت إرادة فيها أم لا، وعلى هذا فكلا الفعلين اختياري، أما فعل النفس فهو بالذات لا باختيار آخر وإلا لزم التسلسل، وأما الفعل الخارجي فهو اختياري بالاختيار ووجوب وجوده به لا ينافي الاختيار لأنه وجوب نشأ من الفعل الأول وهو الاختيار واعمال القدرة، والوجوب إذا كان في طول الاختيار فلا ينافي الاختيار وما نحن فيه كذلك، فلهذا يكون خارجا عن قاعدة