وأما إذا لم يكن في المسألة أمر اضطراري ولا أمر ظاهري وإنما هو مجرد الاعتقاد بثبوت الواقع والقطع به فهو خارج عن محل النزاع، ضرورة أن القطع لا يغير الواقع ولا يوجب انقلابه ولا يجعل ما ليس بواقع واقعا، لأنه طريق إليه وكاشف عنه على ما هو عليه في الواقع، والكاشف يستحيل أن يؤثر في المكشوف.
الثالث: أن مقتضى القاعدة بناء على ما هو الصحيح من أن حجية الامارات من باب الطريقية والكاشفية وإن كان هو عدم الاجزاء في صورة المخالفة، ولكن مع هذا يقع الكلام في مقامين:
المقام الأول في المجتهد.
المقام الثاني في المقلد.
أما الكلام في المقام الأول، فإذا ظهر عند المجتهد أنه أخطأ في مدرك فتواه مثلا بعدم وجوب السورة في الصلاة، كما إذا كان بانيا على عدم وجوبها فيها من جهة أصل لفظي كالاطلاق أو العموم أو أصل عملي كأصالة البراءة أو استصحاب عدم وجوبها ثم تبين خطأه في ذلك وبنى على وجوبها، فهل مقتضى القاعدة وجوب إعادة الصلوات التي صلاها بدون السورة؟
والجواب: نعم، أما في الوقت فلا اشكال في وجوبها، وأما في خارج الوقت فمقتضى القاعدة وجوبها أيضا، لأنه وإن كان شاكا في فوتها واقعا إلا أنه غير شاك في فوتها ظاهرا وهو موضوع لوجوب قضائها في خارج الوقت، غاية الأمر ظاهرا لا واقعا، لأن وجوب الفائت إن كان ظاهريا فوجوب قضائه أيضا ظاهري، وإن كان واقعيا فوجوب قضائه أيضا واقعي، وكذلك الحال بالنسبة إلى مقلديه.