فالنتيجة، أن ما ذكره المحقق العراقي (قدس سره) من أن الأمر في المسألة يدور بين التعيين والتخيير، لا يتم على جميع فروض المسألة واحتمالاتها، هذا إضافة إلى أن المرجع في مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير في مقام الجعل أصالة البراءة لا أصالة الاشتغال إلا في مسألتين:
الأولى: في دوران الأمر بين التعيين والتخيير في حجية شيء.
الثانية: في دوران الأمر بينهما في مقام الامتثال، وحيث أن المقام داخل في المسألة الأولى دون الثانية والثالثة، فالمرجع فيها أصالة البراءة عن التعيين.
هذا تمام الكلام في إجزاء الأمر الاضطراري عن الأمر الواقعي.
نتائج هذا البحث عدة نقاط:
الأولى: أن مقتضى القاعدة الأولية عدم الاجزاء، فإن سقوط الواجب عن المكلف وحصول الغرض منه بالاتيان بغير الواجب بحاجة إلى دليل وإلا فمقتضى اطلاق دليله عدم السقوط إذا كان له اطلاق، وإلا فهو مقتضى الأصل العملي أيضا، لأن الشك إنما هو في سقوط الواجب بغيره، وهذا من موارد أصالة الاشتغال تطبيقا لقاعدة أن الشغل اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني.
الثانية: أن الدليل قد دل على الخروج عن مقتضى هذه القاعدة في موارد اضطرار المكلف إلى الاتيان بغير المأمور به بالأمر الواقعي الأولي، كما إذا اضطر إلى الصلاة مع الطهارة الترابية، من جهة أنه فاقد للماء أو غير متمكن من استعمالها، وإلى الصلاة عن جلوس من جهة عدم قدرته على القيام أو أنه حرجي عليه وهكذا، ففي مثل ذلك حيث إن الأمر بالصلاة مع الطهارة الترابية أو مع الجلوس لا يمكن أن يكون جزافا، فلا محالة يكشف عن وجود ملاك فيها يفي