محلا للحوادث وهو مستحيل.
فالنتيجة، أن الكل محال فلذلك لا يمكن أن يكون الفعل المسمى بالاختيار ملاكا لاختيارية الأفعال في الواجب تعالى ولا في غيره.
والجواب: أن صفة الإرادة لا تصلح أن تكون علة تامة للفعل لا في الواجب تعالى ولا في غيره، أما في الواجب تعالى فقد تقدم أن إرادته ليست من الصفات الذاتية كالعلم والقدرة ونحوهما بل هي من الصفات الفعلية كالخلق والرزق وغيرهما، ومع الاغماض عن ذلك وتسليم أنها من الصفات الذاتية إلا أنها لا يمكن أن تكون علة تامة لفعله تعالى بأن يكون فعله خاضعا لها وجودا وعدما كخضوع المعلول للعلة، وذلك لأن لازم هذا أن فاعليته تعالى غير اختيارية، لأن ضرورة الفعل بضرورة الإرادة تنافي الاختيار على تفصيل قد سبق هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن ملاك اختيارية الفعل ارتباطه بسلطنة الفاعل وخضوعه لها بلا فرق في ذلك بين الباري عز وجل وبين غيره، وقد مر أن الفطرة السليمة الوجدانية تحكم بثبوت هذه السلطنة والقدرة للفاعل على أفعاله، هذا إضافة إلى أن إثبات القدرة والسلطنة لله سبحانه وتعالى برهاني أيضا، وكيف كان فلا شبهة في ارتباط الفعل الاختياري بسلطنة الفاعل وقدرته وخضوعه لها وجودا وعدما لا بإرادته، وقد سبق أن نحو ارتباطه بها ليس كنحو ارتباط المعلول الطبيعي بالعلة الطبيعية، ولهذا لا تنطبق عليه قاعدة أن الشئ ما لم يجب لم يوجد.
ومن ناحية ثالثة ما ذكرناه آنفا من أن الفعل الاختياري مرتبط بسلطنة الفاعل وقدرته مباشرة لا بالفعل النفساني المسمى بالاختيار، لما عرفت من أنه