نظرية الفلاسفة مسألة الجبر ونقدها قد استدل على هذه النظرية بعدة وجوه:
الوجه الأول: المعروف والمشهور بين الفلاسفة قديما وحديثا أن الأفعال الاختيارية برمتها وبتمام أنواعها معلولة للإرادة وخاضعة لها وجودا وعدما فإنها إذا بلغت حدها استحال تخلفها عنها وإن لم تبلغ استحال وجودها لاستحالة وجود المعلول بدون وجود العلة، وتبعهم في ذلك جماعة من الأصوليين منهم المحقق صاحب الكفاية (1) والمحقق الأصبهاني (قدس سرهما) (2)، ونتيجة ذلك أن الإرادة إذا بلغت حدها التام وجب صدور الفعل من الفاعل في الخارج واستحال تخلفه عنه لاستحالة تخلف المعلول عن العلة التامة، وإلى هذا أشار المحقق الأصبهاني (قدس سره) بقوله: الإرادة ما لم تبلغ حدا يستحيل تخلف المراد عنها، لا يمكن وجود الفعل لأن معناه صدور المعلول بلا علة تامة، وإذا بلغت ذلك الحد امتنع تخلفه عنها، وإلا لزم تخلف المعلول عن علته التامة.
وقال صدر المتألهين إن إرادتك ما دامت متساوية النسبة إلى وجود المراد وعدمه لم تكن صالحة لأحد ذينك الطرفين على الآخر، وأما إذا صارت حد الوجوب لزم منه وقوع الفعل (3).