نظريات العلماء والفلاسفة حول مسألة العقاب لا اشكال في صحة المحاسبة والعقاب وحسنهما على ضوء نظرية الامامية والمعتزلة، وانما الاشكال في صحتهما على نظرية الأشاعرة، على أساس أن العقاب على ضوئها عقاب على أمر غير اختياري، باعتبار أن الفعل صادر من العبد قهرا وبالضرورة لا بالاختيار، وعقابه عليه من العقاب على أمر غير اختياري وهو قبيح عقلا.
وقد حاول جماعة من الفلاسفة لدفع هذا الاشكال بعدة محاولات:
المحاولة الأولى: ما ذكره صدر المتألهين وحاصل ما ذكره أن العقاب والثواب من لوازم الأفعال الواقعة بالقضاء الإلهي، فإن كانت تلك الأفعال من الأفعال القبيحة كان العقاب من لوازمها ولا يعقل انفكاكه عنها، وإن كانت من الأفعال الحسنة كان الثواب من لوازمها، لأن العقائد الفاسدة والأعمال الباطلة كالأغذية الرديئة، فكما أن الأغذية الرديئة أسباب للأمراض الجسمانية، فكذلك العقائد الفاسدة والأعمال الباطلة أسباب للأمراض النفسانية والروحانية، ونسبتها إلى العقائد الفاسدة والأعمال الباطلة نسبة المسببات إلى الأسباب (1).
والجواب: أن هذه المحاولة لا تخلو من أن تكون مبنية على تجسم الأعمال في