الفاعل بالمباشرة، باعتبار أن نسبة سلطنته إليه وجودا وعدما نسبة واحدة فلا تقتضي وجوبه، وأما الفعل المعلول له فيكون حاله حال سائر المعلولات الطبيعية بالنسبة إلى عللها كذلك ولا يمكن خروج هذا الفعل عن القاعدة، وعلى هذا فحيث أن الفعل الخارجي صادر من النفس بتوسط الفعل النفساني وهو الاختيار، والفعل النفساني صادر منها بقدرتها وسلطنتها مباشرة، فبطبيعة الحال يكون الخارج عن القاعدة هو الفعل النفساني باعتبار أن نسبة سلطنة النفس إليه وجودا وعدما على حد سواء، فلا تبرر وجوبه دون الفعل الخارجي، فإنه حيث كان معلولا للواسطة وهي الفعل النفساني وصادرا منها مباشرة دون النفس، فلا يمكن ذلك إلا على ضوء القاعدة المذكورة، فإذن بطبيعة الحال لا يمكن فرض وجوده وتحققه في الخارج إلا بالوجوب والضرورة بالعلة، بداهة أنه ما دام في حد الامكان والتعادل بين الوجود والعدم لا يمكن وجوده وتحققه فيه، لأن الامكان لا يكفي لتحقق أحد الطرفين وإلا لزم انقلاب الممكن واجبا وهو كما ترى، ومقتضى ذلك أن الفعل الخارجي بما أنه وليد الفعل النفساني مباشرة فلا يمكن ذلك إلا على أساس القاعدة ومبدأ التناسب، والمفروض أنه لا تناسب بينهما ذاتا ووجودا، لأن الفعل الخارجي لا يكون من سنخ الفعل النفساني وجودا حتى يعقل أن يكون معلولا له ومتولدا منه تولد المعلول عن علته، لاستحالة تأثير كل شيء في كل شيء طالما لم تكن بينهما سنخية.
ومن ذلك يظهر أن ما التزم به مدرسة المحقق النائيني (قدس سره) من أن القاعدة وهي أن الممكن ما لم يجب لم يوجد لا تنطبق على الفعل الخارجي (1) غير تام، لأن المستثنى من هذه القاعدة موضوعا الفعل الاختياري الصادر من الفاعل بقدرته