لا برهان عليه مضافا إلى أن وجوده في النفس وراء وجود الفعل في الخارج خلاف الوجدان أيضا، ومن هنا يظهر أنه كان ينبغي للمحقق الأصبهاني (قدس سره) أن يعلق على مدرسة المحقق النائيني (قدس سره) بذلك لا بما ذكره من أن الاختيار إما عين ذات الواجب تعالى أو غيره والكل مستحيل، وذلك لأنه لا مانع من كون الاختيار فعلا له تعالى قائما به قيام الفعل بالفاعل صدورا، إذ لا مانع من ذلك ولا يلزم منه محذور، فإن المحذور إنما يلزم إذا كان قيامه به قيام الصفة بالموصوف والحال بالمحل والمفروض أن الأمر ليس كذلك، والنكتة فيه أن الاختيار الذي هو عبارة عن إعمال القدرة يوجد بقدرته تعالى وسلطنته مباشرة ثم الفعل الخارجي بتوسطه، لا أنه موجود في مرتبة ذاته المقدسة بقطع النظر عن الفعل الخارجي لكي يكون قيامه بذاته في هذه المرتبة قيام الحال بالمحل، فما ذكره المحقق الأصبهاني (قدس سره) مبني على أن يكون الاختيار ثابتا في مرتبة ذاته تعالى، فعندئذ كان لما أفاده (قدس سره) من التشقيق مجال ولكن الأمر ليس كذلك، لأنه ثابت في مرتبة فعله، فإذا كان ثابتا في هذه المرتبة فلا محالة كان قيامه بذاته المقدسة قيام الفعل بالفاعل كقيام سائر أفعاله، غاية الأمر أنه يوجد بقدرته وسلطنته مباشرة لا باختيار آخر واعمال قدرة أخرى، ثم يوجد الفعل الخارجي بتوسطه كما هو الحال في الانسان.
لحد الآن تبين أن ما أفاده المحقق الأصبهاني (قدس سره) من التعليقات على مدرسة المحقق النائيني (قدس سره) في المسألة لا يتم شيء منها، فالصحيح هو ما ذكرناه من التعليق عليها.
الوجه الثاني: أن أفعال العباد لا تخلو من أن تكون متعلقة لإرادة الله سبحانه وتعالى أو لا تكون متعلقة لها ولا ثالث لهما، فعلى الأول لابد من وقوعها