تتوقف على تمامية أحد الوجوه المتقدمة، وحيث أنها جميعا غير تامة فلا يتم ذلك أيضا، تحصل مما ذكرناه أن ما اختاره المحقق العراقي (قدس سره) من أن دلالة الأمر على الوجوب مادة وهيئة إنما هي بالاطلاق ومقدمات الحكمة لا بالوضع لا يتم.
وأما القول الثالث وهو أن الأمر لا يدل على الوجوب لا بالوضع ولا بالاطلاق ومقدمات الحكمة وإنما هو مستفاد من حكم العقل، فقد اختاره المحقق النائيني (قدس سره) وتبعه فيه السيد الأستاذ (قدس سره).
أما المحقق النائيني (قدس سره) فقد أفاد في وجهه أن صيغة الأمر موضوعة لايقاع المادة على المخاطب ومستعملة فيه في جميع الموارد أعم من موارد الوجوب والاستحباب، ولكن العقل يحكم فيما إذا صدرت من المولى ولم تكن مقرونة بالقرينة على الترخيص في الترك بلزوم الامتثال قضاء لحق المولوية وأداء لوظيفة العبودية وتحصيلا للأمن من العقوبة، ولا يصلح الاعتذار عن الترك بمجرد احتمال كون المصلحة غير لزومية طالما لم تكن قرينة على ذلك لا متصلة ولا منفصلة (1).
وأما السيد الأستاذ (قدس سره) فقد قرب ذلك بما يلي:
أن الأمر موضوع مادة وهيئة للدلالة على ابراز الأمر الاعتباري النفساني، وحينئذ فإذا أمر المولى بشيء فان نصب قرينة على الترخيص في الترك فهو، وإلا فالعقل يحكم بوجوب امتثاله والاتيان به في الخارج قضاء لحق المولوية وتحصيلا للأمن من العقوبة، على أساس أن احتمال المولوية مساوق لاحتمال العقوبة إذا لم تكن قرينة على الأمن منها، ولا نقصد بالوجوب إلا ادراك العقل لابدية الخروج عن عهدته، فيما إذا لم يحرز لا من الداخل ولا من الخارج ما يدل