قبل الشرع عند عدم القرينة على الخلاف، وهذه الدلالة مستندة إلى نفس اللفظ لا إلى جهة خارجة عنه كالاطلاق بمقدمات الحكمة أو حكم العقل. والوجه في ذلك ما عرفت من أن المتبادر والمنسبق منه عرفا ارتكازا وفطرة هو الطلب اللزومي، ولا يتوقف هذا التبادر والانسباق على شيء غير صدوره من المولى وعدم القرينة على الخلاف، وهذا معنى كون دلالة الأمر على الوجوب إنما هي بالوضع لا بالاطلاق ومقدمات الحكمة ولا بحكم العقل.
وأما صيغة الأمر فقد تقدم أنها موضوعة للدلالة على النسبة الطلبية بين المادة والمخاطب وتدل على تلك النسبة في وعائها، فإذا استخدمها المولى في مقام البعث والطلب بعنوان المولوية صدق عليها عنوان الأمر، فإذا صدق عليها ذلك كان المتبادر منها عرفا وارتكازا هو نسبة إيجاد المادة إلى المخاطب بنحو اللزوم والوجوب، ولا تتوقف هذه الدلالة على شيء ما عدا صدورها من المولى وعدم نصب قرينة على الترخيص في الترك، فالنتيجة أن منشأ دلالة الأمر مادة وهيئة على الوجوب انما هو الوضع لا غيره.
أما القول الثاني: وهو أن منشأ دلالة الأمر مادة وهيئة على الوجوب انما هو الاطلاق ومقدمات الحكمة فقد اختاره المحقق العراقي (قدس سره) (1) وله في المقام دعويان:
الأولى: أن الأمر لا يدل على الوجوب بالوضع.
الثانية: أنه يدل عليه بالاطلاق ومقدمات الحكمة.
أما الدعوى الأولى فقد أفاد (قدس سره) في وجهها، أنه لا شبهة في صدق الأمر حقيقة على الطلب الصادر من المولى وإن كان ندبيا، فلو كان الأمر حقيقة في