القول الثالث: ما ذكره شيخنا الأنصاري (قدس سره) من السببية بمعنى المصلحة السلوكية ونقصد بها كون المصلحة في نفس سلوك الامارة وتطبيق العمل عليها (1)، ولهذا تختلف هذه المصلحة باختلاف السلوك سعة وضيقا، فإن كان سلوكها في أول الوقت، فمصلحته تفي بمصلحة أول الوقت فحسب، وإن كان سلوكها في تمام الوقت فمصلحته تفي بمصلحة تمام الوقت، ولهذا تجب الإعادة في الأول لاستيفاء مصلحة أصل الوقت بعد استيفاء مصلحة الوقت المفضل، ويجب القضاء في الثاني، لأن المصلحة السلوكية إنما تفي بمصلحة الوقت فقط، وأما مصلحة أصل الصلاة فهي باقية فلابد من استيفائها بالقضاء إذا كان القضاء بالأمر الأول، نعم إذا كان بأمر جديد لم يجب القضاء، لأن موضوعه فوت الفريضة والمفروض عدم فوتها كما عن السيد الأستاذ (قدس سره) (2) هذا، وقد علق عليه بعض المحققين (قدس سره) بأن الالتزام بالمصلحة السلوكية إنما هو على أثر برهان قبح التفويت بمقدار لولاها لزم تفويت مصلحة الواقع بلا تدارك أصلا وهو قبيح، وهذا البرهان لا يقتضي أكثر من وجود مصلحة سلوكية بمقدار مصلحة الوقت التي لا يمكن تداركها أصلا، وأما مصلحة أصل الفعل الذي يمكن تداركه بالقضاء كما هو ظاهر دليل القضاء، فلا يمكن أن يستفاد من دليل الحكم الظاهري تداركها، لأن مدرك هذا التقييد هو الضرورة والبرهان، والضرورات تتقدر بقدرها لا أكثر، فإذن يجب القضاء كما هو مقتضى ظاهر دليله (3).
وللنظر في هذا التعليق مجال، فإن الالتزام بوجود مصلحة سلوكية في باب الامارات إنما هو على أساس حكم العقل بقبح تفويت ملاك الواقع، باعتبار أن