النفساني هو العلة للفعل الخارجي لأنه مرتبط به وخاضع له وجودا وعدما خضوع المعلول للعلة، وأما وجوب وجوده به فإنه لا ينافي اختياره، لأن الوجوب إذا كان معلولا للاختيار وكان في طوله فلا ينافيه.
ولنا تعليق على ذلك، اما ما أفاده (قدس سره) من أن البناء فعل للنفس في وعائها وقائم بها فيه قيام الفعل بالفاعل لا قيام العرض بالمعروض فلا يمكن المساعدة عليه، وذلك لأن البناء لا يخلو إما أن يكون في مورد القطع بشيء أو الظن به أو الشك فيه.
أما في المورد الأول، فهو لا ينفك عن القطع وإنه لازم قهري له، فإنه إن كان القطع بوجود شيء فلا يمكن البناء على عدمه وإن كان القطع بعدمه فلا يمكن البناء على وجوده.
وأما في المورد الثاني، فهو لا ينفك عن الظن كذلك.
وأما في المورد الثالث: فلا يتصور فيه البناء إلا شكا واحتمالا، فبالنتيجة أنه لازم قهري للشك بمعنى أنه لا يمكن البناء على أحد طرفي الشك جزما أو ظنا، وعلى هذا فلا يمكن القول بأن البناء فعل نفساني في وعاء النفس وتحت اختيارها وجودا وعدما بل هو لازم قهري لمباديه وخارج عن اختيارها.
وأما قصد إقامة عشرة أيام في بلد فهو لازم قهري للعلم بها ولا ينفك عنه، فإذا علم المسافر بأنه يبقى في هذا البلد عشرة أيام جزما كان لا محالة قاصدا إقامة العشرة فيه، إذ ليس بإمكانه أن لا يقصد ذلك أو يقصد خلافها.
فالنتيجة: أن القصد ليس شيئا زائدا على العلم حتى يكون فعلا للنفس وبيدها وجودا وعدما بل هو لازم قهري له ولا ينفك عنه، ومن هنا لا يكون