التوبة والدعاء وطلب المغفرة والرحمة، فإذن هذه المحاولة في الحقيقة تكذيب للكتاب والسنة، فلذلك لا يمكن الالتزام بها.
وأما على التفسير الثاني فإن كان العقاب من آثار ولوازم الأعمال القبيحة بنحو الاقتضاء.
فيرد عليه أولا أن العبد كيف يستحق العقاب على فعل خارج عن اختياره، وثانيا أن فعلية هذا العقاب في الآخرة إذا كانت بيده تعالى كما هو المفروض، استحال صدورها منه لمكان قبح عقاب العاجز عقلا، وإن كان بنحو الفعلية والعلة التامة فهو خلاف الضرورة عقلا وشرعا، أما الأول فلما عرفت من أن العقل مستقل بأن العقاب على مخالفة التكليف كالتكليف بيده تعالى وتحت قدرته وسلطنته المطلقة ولا يتصور أنه تعالى غير قادر على العفو والمغفرة آنفا، ثم أن هذه المحاولة وإن كانت تدفع مشكلة قبح العقاب على الأمر غير الاختياري، لأن العقاب عليه انما يكون قبيحا إذا كان من معاقب خارجي، وأما إذا كان من لوازم الأفعال القبيحة ذاتا أو من جهة تجسم تلك الأعمال في الآخرة عذابا قهرا فلا موضوع لاتصافه بالقبح، لأن موضوعه الفعل الاختياري دون ما كان خارجا عن الاختيار، إلا أنك عرفت أن القول بأن العقاب من لوازم الأعمال والعقائد الفاسدة ذاتا أو من جهة تجسم تلك الأعمال والعقائد الفاسدة في الآخرة قهرا خلاف الضرورة عقلا كتابا وسنة، وأما الثاني فلأن ذلك في الحقيقة تكذيب للكتاب والسنة كما تقدم.
المحاولة الثانية: ما عن أبي الحسن البصري رئيس الأشاعرة والمجبرة من أن الثواب والعقاب ليسا على فعل العبد الصادر منه في الخارج ليقال أنه خارج عن اختياره ولا يستحق العقاب عليه، بل إنما هو على اكتساب العبد وكسبه