الامارة للواقع يتوقف على ثبوت الأمر التعييني بالواقع في المرتبة السابقة، ومن المعلوم أن الأمر المتعلق به ينبثق عن وجود مصلحة تعيينية في متعلقه، فلو كان الأمر الواقعي تخييريا متعلقا بالجامع بينهما لم تتحقق الامارة المخالفة للواقع حتى توجب الانقلاب، فإذا لم تتحقق فلا انقلاب، فيلزم حينئذ من فرض الانقلاب عدم الانقلاب، ومن فرض تحقق مخالفة مؤدى الامارة للواقع عدم المخالفة وهو محال.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بالنتائج التالية:
الأولى: أن حجية الامارات على القول بالطريقية لا تستلزم الاجزاء لا في الوقت ولا في خارج الوقت على ضوء جميع الآراء في تفسيرها كما مر.
الثانية: أن حجيتها على القول بالسببية هل تستلزم الاجزاء؟
والجواب: أن ذلك يختلف باختلاف الأقوال في تفسيرها، فعلى ضوء التفسير المنسوب إلى الأشاعرة فلا شبهة في الاجزاء، إذ على هذا التفسير لا واقع قبل قيام الامارة وحجيتها، فالواقع أولا وثانيا هو مؤدى الامارة، فإذن يكون ذلك من إجزاء الاتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي عن أمره لا من إجزاء الاتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري عن المأمور به بالأمر الواقعي، وكذلك الحال على التفسير المنسوب إلى المعتزلة كما تقدم.
وأما على التفسير بالمصلحة السلوكية، فقد مر أنها تستلزم الاجزاء بالنسبة إلى القضاء دون الامارة.
وأما على التفسير بالمصلحة في مؤدى الامارة، فإن كانت مسانخة لمصلحة الواقع فهي توجب التصويب والاجزاء معا كما عرفت، وإن لم تكن مسانخة لها