الجهة الرابعة: لا شبهة في أن المتبادر والمنسبق عرفا من مادة الأمر إذا كانت صادرة من المولى هو الطلب الحتمي اللزومي، والنكتة في ذلك أن مولوية المولى ولا سيما إذا كانت ذاتية كمولوية الله - سبحانه عز وجل - مساوقة للزوم والوجوب، فإذا صدر أمر من مولى ولم تكن قرينة متصلة على الاستحباب دل على الوجوب بلا شبهة، ومن هنا لم يستشكل فقيه في دلالة الأمر الوارد في لسان الشارع على الوجوب عند عدم القرينة على الاستحباب.
فالنتيجة، أنه لا شبهة في دلالة الأمر على الوجوب. نعم، هناك كلام في كيفية تفسير هذه الدلالة وتحديد منشأها وسوف يأتي البحث عن ذلك في ضمن البحوث القادمة.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو تعيين مدلول صيغة الأمر سعة وضيقا، فقد تقدم في ضمن البحوث السالفة أن صيغة الأمر موضوعة للنسبة الطلبية بين المادة والمخاطب وتدل عليها في وعاء الطلب والانشاء وبذلك تمتاز على أختيها الماضي والمضارع، باعتبار أنهما تدلان على النسبة في وعاء التحقق والاخبار، كما أنها تمتاز عن مادة الأمر في أن مدلولها معنى حرفي وهو النسبة المذكورة، بينما يكون مدلول المادة معنى اسمي وهو مفهوم الطلب الخاص هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، أنه لا شبهة في أن المتبادر من صيغة الأمر والمنسبق منها ارتكازا عرفا وفطرة إذا كان في نصوص الكتاب والسنة عند عدم القرينة على الاستحباب هو طلب المادة من المخاطب بنحو الحتم واللزوم، وهذا التبادر كاشف عرفا عن أن صيغة الأمر موضوعة للوجوب بالمعنى الحرفي، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، قد تبين أن المدلول الوضعي التصوري لمادة الأمر الطلب