الغيري أو التخييري أو الكفائي منه بحاجة إلى قرينة.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو مقتضى الأصل العملي، فالصحيح أن مقتضاه نفي العينية عند الشك فيها، باعتبار أن فيها كلفة زائدة، فإذا فرضنا أن المولى أمر فئة بالقيام بعمل وشككنا في أنه واجب كفائي يسقط بقيام غيرهم به أو عيني لا يسقط به، ففي مثل ذلك لا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن العينية، ودعوى أن الأمر إذا كان متوجها إلى فرد وشك في أنه كفائي أو عيني، فيرجع هذا الشك إلى الشك في السقوط بقيام الغير به وهو من موارد قاعدة الاشتغال دون البراءة.
مدفوعة، بأن سنخ الوجوب العيني غير سنخ الوجوب الكفائي روحا وملاكا، وعلى هذا فإذا توجه أمر إلى فرد وشك في أنه عيني أو كفائي، فهو حينئذ وإن كان يعلم بثبوت الوجوب الجامع بين العيني والكفائي ولكن لا يعلم بثبوت كل من الوجوب العيني أو الكفائي بحده الخاص، لأن حدوث كل منهما مشكوك فيه والعلم بالجامع لا أثر له إلا فيما إذا لم يقم غيره بالعمل، فإنه حينئذ يجب عليه القيام به، سواءا كان كفائيا أم عينيا، وأما إذا قام غيره به فهو عندئذ وإن كان شاكا في سقوطه، إلا أن مرد هذا الشك إلى الشك في حدوث الوجوب العيني واشتغال ذمته به، ومن الواضح أن المرجع فيه أصالة البراءة، ولا تعارض بأصالة البراءة عن الوجوب الكفائي لعدم جريانها فيه، من جهة أنه لا كلفة فيه والكلفة إنما هي في الوجوب العيني.
فالنتيجة، أن المرجع في موارد الشك في كون الوجوب عينيا أو كفائيا هو أصالة البراءة عن العينية، وبذلك يختلف نتيجة الأصل اللفظي عن نتيجة الأصل العملي في المقام.