الواردة من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) التي يرشد إلى هذه النظرية وتنفي نظريتي الجبر والتفويض، ومع قطع النظر عن تلك الروايات فلا محالة يقع الانسان في أحد جانبي الافراط أو التفريط كما وقع الأشاعرة والمعتزلة فيه (1). لا يمكن المساعدة عليه، لما عرفت موسعا من أن هذه النظرية نتيجة حتمية للمقدمتين المذكورتين وهما من القضايا الضرورية الفطرية، فإذن لا غموض ولا ابهام في هذه النظرية، ومن هنا لولا الروايات في المسألة فأيضا لا مناص من الالتزام بها من جهة أنها كما عرفت موافقة للوجدان السليم والبرهان القاطع فلا تحتاج إلى مؤونة زائدة ومقدمة عميقة.
وأما نظريتي الأشاعرة والمعتزلة فهما نظريتان خاطئتان فلا واقع موضوعي لهما، أما الأولى فقد أخطأت في تفسير مبدأ العلية بالافراط في تعميمه.
وأما الثانية فقد أخطأت في تفسيره أيضا ولكن بالاسراف في تحديده، فلذلك تبتني كلتا النظريتين على عدم فهم معنى العلية فهما صحيحا واقعيا ومدى ضرورة حاجة الممكن إليها، ثم ان من نتائج هذه النظرية صحة اسناد فعل العبد إليه تعالى حقيقة باعتبار المقدمة الأولى كصحة اسناده إليه باعتبار المقدمة الثانية المباشرة، ومن نتائجها أيضا التحفظ بها على مبدأ العدالة في أفعاله تعالى الذي يقوم على أساس حسن العدل وقبح الظلم بدون افراط وتفريط فيه كما عن الأشاعرة والمعتزلة، فإن الأشاعرة قد أسرفت في تحديده كما بانكار الحسن والقبح العقليين، والمعتزلة قد أفرطت في تحديد موضوعه بأن جعلت موضوعه الفعل الصادر من العبد الغني عن غيره في بقائه.
ومن هنا يظهر أنه لا وجه لتوهم أن ظواهر جملة من الآيات موافقة لنظرية