المقدمات متقدمة بالوجود زمانا على ذيها، فإن الشوق إلى المقدمات يشتد حتى يبلغ درجة الإرادة الحتمية المحركة للعضلات فيفعلها، مع أن ذي المقدمة لم يحن وقته بعد ولم تحصل له الإرادة الحتمية المحركة للعضلات، وإنما يمكن أن تحصل له الإرادة الحتمية إذا حان وقته بعد طي المقدمات.
فإرادة الفاعل التكوينية للمقدمة متقدمة زمانا على إرادة ذيها، وعلى قياسها الإرادة التشريعية، فلابد أن تحصل (1) للمقدمة المتقدمة زمانا قبل أن تحصل لذيها المتأخر زمانا، فيتقدم الوجوب الفعلي للمقدمة على الوجوب الفعلي لذيها زمانا، على العكس مما اشتهر. ولا محذور فيه، بل هو المتعين.
وهذا حال كل متقدم بالنسبة إلى المتأخر، فإن الشوق يصير شيئا فشيئا قصدا وإرادة، كما في الأفعال التدريجية الوجود.
وقد تقدم معنى تبعية وجوب المقدمة لوجوب ذيها فلا نعيد، وقلنا:
إنه ليس معناه معلوليته لوجوب ذي المقدمة وتبعيته له وجودا، كما اشتهر على لسان الأصوليين.
فان قلت: إن وجوب المقدمة - كما سبق - تابع لوجوب ذي المقدمة إطلاقا واشتراطا، ولا شك في أن الوقت - على الرأي المعروف - شرط لوجوب ذي المقدمة، فيجب أن يكون أيضا وجوب المقدمة مشروطا به، قضاء لحق التبعية.
قلت: إن الوقت على التحقيق ليس شرطا للوجوب بمعنى أنه دخيل في مصلحة الأمر - كالاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحج - وإن كان دخيلا في مصلحة المأمور به، ولكنه لا يتحقق البعث قبله، فلابد أن يؤخذ