نتيجة المسألة عدة نقاط:
الأولى: أن مبدأ العلية بالمفهوم الصحيح ومدى ضرورة حاجة الممكن إليه يقتضي حتما أن مبادئ الفعل من حياة العبد وقدرته وعلمه وغيرها بيده تعالى حدوثا وبقاء وهو يمدها ويفيض عليها في كل لحظة، على أساس أنها ليست شيئا وراء ارتباطها بالمبدء الأول ذاتا هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن الفطرة السليمة الوجدانية تحكم بسلطنة العبد على الفعل عند توفر تلك المبادئ فيه ويؤكدها ثبوت الشرائع السماوية من الاسلامية وغيرها من قبل الله عز وجل والنظام من قبل العقلاء على أساس الحسن والقبح العقليين، وعليه فتكون نظرية الأمر بين الأمرين نتيجة حتمية لهاتين الناحيتين مطابقة للفطرة السليمة الوجدانية والبرهان العقلي.
الثانية: أن نظرية الأشاعرة تقضي على مبدأ العدالة في الحساب والعقاب والحسن والقبح العقليين بل على أصل الشريعة وعدم الفائدة في تشريعها إذا لم يكن العبد مختارا في أفعاله لأنها لغو، وأما نظرية المعتزلة فهي تقضي على عموم مبدأ العلية كنظام عام للكون وتحديده بحدوث الأشياء، فلذلك تكون كلتا النظريتين مخالفة للضرورة الوجدانية والبرهان السليم.
الثالثة: توهم أن ظواهر جملة من الآيات المباركة تنسجم مع نظرية الأشاعرة فقد تقدم أنه لا أصل له، فإنها لا تدل على هذه النظرية بل لا أشعار فيها فضلا عن الدلالة، بل فيها دلالة على نظرية الأمر بين الأمرين، لأن مفادها أن العبد لا يقدر على الفعل إلا إذا شاء الله تعالى حياته وقدرته وعلمه من المبادئ، فإنه في هذه الحالة قادر عليه على أساس أن قدرته وسلطنته على الفعل منوطة بتوفر تلك المبادئ فيه لا مطلقا.