تشاءون إلا أن يشاء الله) (1).
فالنتيجة، أن هذه الآيات وغيرها لا تدل على نظرية الأشاعرة أصلا بل تدل على نظرية الامامية وهي نظرية الأمر بين الأمرين، وعلى ضوئها كما يصح اسناد الفعل إلى العبد كذلك يصح اسناده إليه تعالى، والآيات في مقام بيان صحة اسناد فعل العبد إليه تعالى، ولا تكون في مقام نفي اسناده إلى العبد لكي يكون مدلولها القول بالجبر، تحصل مما ذكرناه أن نظرية الأمر بين الأمرين ليست نظرية غامضة بالغة في الدقة والعمق بحيث لا يمكن الوصول إليها من خلال القواعد العامة إلا بارشاد من الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، بل هي نظرية واضحة المعالم والمبادي باعتبار أنها كما مر تبتني على مبدأ العلية بمفهومه الفلسفي ومدى حاجة الممكن إليه من ناحية، وسلطنة العبد على الفعل عند توفر مبادئه فيه من ناحية أخرى.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو الروايات الواردة في المسألة عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وهي كثيرة ولا يبعد بلوغها من الكثرة حد التواتر إجمالا.
منها صحيحة يونس بن عبد الرحمن عن عدة عن الصادق (عليه السلام) قال: قال له رجل جعلت فداك أجبر الله العباد على المعاصي، قال: الله اعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها، فقال له جعلت فداك، ففوض الله إلى العباد، قال فقال: لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي، فقال له جلعت فداك فبينهما منزلة، قال فقال: نعم أوسع مما بين السماء والأرض (2).
ومنها، صحيحته الأخرى عن غير واحد عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (عليه السلام)