والقدرة لا لعلية ذاته الواجبة أو إرادته بالمفهوم الفلسفي. وأما الثاني فقد ثبت في محله بالأدلة الصارمة القدرة لله تعالى على الأشياء والسلطنة عليها التامة.
وأما الأمر الثاني فلأنهم حاولوا لتبرير اختلاف الأشياء في التنوع والآثار بأن الصادر من الله تعالى مباشرة هو الوجود المنبسط، وقد يعبر عنه بالوجود الاطلاقي أيضا لا الأشياء بأنواعها المختلفة، لكي يقال أن صدورها منه تعالى مستحيل، لأنه من صدور الكثير عن الواحد، وأما صدور الوجود المنبسط عنه فهو من صدور الواحد عن الواحد على أساس أنه من مراتب وجوده تعالى النازلة ومن سنخه، وأما التكثر والاختلاف بين الأشياء فهو ناشئ من انبساط هذا الوجود الاطلاقي على الماهيات في عالم المادة التي هي عبارة عن حدودها وفوارق بعضها عن بعض آخر، ومن الواضح أن تلك الحدود والفوارق أمور عدمية لا واقع موضوعي لها فلا تكشف عن اختلاف علتها، ولهذا لو ألغيت هذه الفوارق والحدود فلا امتياز بينها أصلا بل هي الوجود المنبسط، ولذلك قيل أن الوحدة في عين الكثرة وبالعكس، فان وحدة الوجود المنبسط في عين الكثرة لأنه ينطوي على جميع الوجودات الخاصة بنحو الأتم والأشد أي بدون حدودها وفوارقها، والكثرة في عين الوحدة لأن الوجودات الخاصة إذا ألغيت جميع حدودها وفوارقها فهي عين الوجود المنبسط هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن الوجودات الخاصة بما أنها مختلفة بحدودها فلذلك تختلف آثارها وتتباين أفعالها وتتنوع مظاهرها، وهذا الاختلاف حيث أنه ناشئ من اختلاف فوارقها وحدودها التي هي أمور عدمية فلا يكشف عن اختلاف علتها، وإن شئت قلت أن منشأ الاختلاف بين الأشياء إنما هو ضعف الوجود، فان حيثية الوجود حيثية طرد العدم، وكلما كان الوجود أشد وأوسع