كانت حيثية طرد عدمه كذلك، وكلما كان أضعف كانت حيثية طرد عدمه كذلك على عكس الماهية، فان سعة سنخ الماهية من جهة الضعف والابهام وسعة سنخ الوجود الحقيقي من فرط الشدة والفعلية، ولهذا كلما كان الضعف والابهام في المعنى أكثر كان الاطلاق والشمول فيه أوفر وكلما كان الوجود أشد وأقوى كان الاطلاق والسعة فيه أكثر وأتم.
وغير خفي أن هذه المحاولة غير تامة، اما أولا فلأنها مبنية على علية ذاته الواجبة للأشياء بالمفهوم الفلسفي، ولكن قد تقدم أنه لا يمكن أن تكون ذاته تعالى علة تامة للأشياء بهذا المفهوم لاستلزام ذلك نفي القدرة والسلطنة عن الباري عز وجل، هذا إضافة إلى أن عليتها كذلك مخالفة للوجدان والبرهان كما مر.
وثانيا أن الوجود المنبسط الذي لا حدود له في السعة فلا يعقل أن تصدر منه وجودات خاصة المتنوعة والمختلفة التي لها حدود وفوارق معينة، لأن ذلك من صدور الكثير عن الواحد وهو محال، ضرورة أن العلة إذا كانت واحدة وغير محدودة فلابد أن يكون معلولها أيضا كذلك، وإلا فلا يكون معلولا لها. هذا إضافة إلى أن منشأ اختلافها لو كان أمرا عدميا فلا يمكن أن تختلف آثارها وتتباين أفعالها، لأن الحقيقة الواحدة لا محالة تكون آثارها واحدة، وإلا لزم صدور الكثير من الواحد وهو مستحيل، بداهة أن اختلاف الأشياء في الآثار والأنواع كاشف حتما عن اختلافها بالذات والحقيقة لا بالاعتبار.
إلى هنا قد تبين أن الالتزام بالنظام الجملي التسلسلي للوجود بالتفسير الفلسفي مبتن على الالتزام بعلية ذاته المقدسة بالمفهوم الفلسفي، وحيث أن التالي باطل جزما كما عرفت فالمقدم مثل هذا، ولكن السيد الأستاذ (قدس سره) قد علق على