نهاية لها وهو باطل، والمراد من انتهاء السلسلة انتهائها إلى الواجب بالذات الذي هو مبدأ العالم والسبب الأعلى له فالانتهاء صفة للسلسلة، باعتبار أنها برمتها منتهية إلى الذات الواجبة، وأما الذات الواجبة التي هي مبدأ السلسلة فلا انتهاء لها ولا حد، فما ذكره السيد الأستاذ (قدس سره) من أن هذه السلسلة إما أنه لا بداية لها أو أن لها بداية وحد، فعلى الأول باطلة وعلى الثاني مسبوقة بالعدم، مبني على الخلط بين أن تكون السلسلة بنفسها منتهية ومحدودة وبين أن تكون منتهية إلى الواجب بالذات. والأول محال لأن السلسلة برمتها ممكنة فيستحيل أن توجد بنفسها. والثاني واجب لأنها بوصف كونها ممكنة لابد أن تكون منتهية إلى الواجب بالذات، فالسلسلة الممكنة لابد أن تبدأ حتما من الواجب بالذات باعتبار أنها عين التعلق والربط به، وأما الواجب بالذات فهو لا نهاية له ولا بداية.
والثاني أن لازم هذه النظرية انتفاء العلة بانتفاء شيء من تلك السلسلة، بتقريب أن هذه السلسلة والحلقات التصاعدية جميعا معلولات لعلة واحدة وارتباطات وتعلقات بها ذاتا وحقيقة وإنها برمتها كامنة في كيانها ووجودها وتنبثق منها، فيستحيل أن تتخلف عنها كما يستحيل أن تختلف، وعلى ضوء هذا الأساس فإذا انتفى شيء من تلك السلسلة فبطبيعة الحال يكشف عن انتفاء العلة، ضرورة استحالة انتفاء المعلول مع بقاء علته وتخلفه عنها هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أنه لا شبهة في انتفاء الاعراض في هذا الكون، ومن الطبيعي أن انتفائها إنما هو من ناحية انتفاء علتها وإلا فلا يعقل انتفائها، فالتحليل العلمي في ذلك يؤدي في نهاية المطاف إلى انتفاء علة العلل، وعلى هذا فلا يمكن تفسير انتفاء بعض الأشياء في هذا الكون تفسيرا يلائم مع هذه النظرية.