ومرحلة بعد مرحلة ودرجة بعد درجة، بأن تستبدل في كل مرحلة من مراحل الحركة ودرجة من درجاتها القوة بالفعلية والامكان بالوجود، فحقيقة الحركة خروج الشئ من القوة إلى الفعلية، وفي كل مرحلة من مراحلها تتشابك فيها القوة والفعلية لأنها مركبة في كل دور من أدوارها ومرحلة من مراحلها من قوة وفعل وامكان ووجود وهما متشابكان في جميع الأدوار والمراحل لها، فالوجود في كل مرحلة من مراحل حركته التكاملية يحتوي على درجة معينة من الحركة في هذه المرحلة بالفعل وعلى درجة معينة أرقى منها بالقوة، مثلا النطفة تحتوي على درجة معينة من الحركة بالفعل وعلى درجة معينة أرقى منها بالقوة وهي المضغة فإنها في اللحظة التي تتكيف فيها بتلك المرحلة تتجه سيرا نحو المرحلة الأرقى والأكمل، وهكذا إلى أن تنفد جميع طاقاتها وامكاناتها فتقف، وبذلك يظهر جليا أن الحركة لا تنطوي على التناقض فإن اجتماع القوة والفعلية في كل مرحلة من مراحلها لا يكون من الاجتماع بين المتناقضين، فإنه إنما يكون من الاجتماع بينهما إذا كان الوجود في كل مرحلة من مراحل الحركة يحتوي على القوة والفعلية بالنسبة إلى نفس هذه المرحلة، فإن هذا لا يمكن لأن مرد ذلك إلى أن هذه المرحلة تحتوي على فعلية الحركة وفي نفس الوقت لا تحتوي عليها بل على امكانها، وأما إذا كان احتوائه على الفعلية بلحاظ نفس هذه المرحلة التي يتكيف في هذه اللحظة بها وعلى القوة بلحاظ المرحلة الآتية وهي المرحلة الأرقى منها فلا تناقض، كيف فان الحركة في كل مرحلة ودرجة مركبة من قوة وفعل ولا يمكن أن توجد ماهية الحركة من دون هذين العنصرين.
إلى هنا قد تبين أن الحركة وجود مستمر متقوم بالتدرج والتطور وليست فناء الشئ فناء مطلقا ووجود شيء آخر جديد، وعلى ضوء هذا الأساس فلا يعقل طرو الفناء على العرض بعد وجوده لأنه متقوم بالحركة والتدرج في الوجود ولا