والجواب: أولا: أن العرض كالجوهر فلا يطرأ عليه الفناء بعد الوجود، وذلك لأن وجود العرض وجود تدريجي في موضوع محقق في الخارج وهو الجوهر وانه عين التحرك والتطور فيه سواءا كان من مقولة الكم أم الكيف أم الوضع أو الأين وهكذا، مثلا شتلة الشجر فإنها في تحرك وتطور مستمر من مرحلة إلى مرحلة أرقى ومن النقص إلى الكمال كما وكيفا واينا ووضعا إلى أن تصبح شجرة كاملة، مثلا النطفة في تطور وتحرك دائم من القوة إلى الفعل من النقص إلى الكمال إلى أن تصبح انسانا كاملا مفكرا، فوجود العرض وجود تدريجي ومتقوم بالتدرج والتطور من درجة إلى أخرى، وهذا الوجود التدريجي وجود واحد في طول الخط بين المبدأ والمنتهى وقوام هذا الوجود بالتدرج والتطور، ولهذا لا يمكن اجتماع جزئين منه في عرض واحد وزمن فارد، وعلى هذا فالعرض كالكم والكيف والأين والوضع وغير ذلك موجود في طول الخط بالتدرج.
وبكلمة، أن حقيقة الحركة سير تدريجي للوجود وتطور للشيء في الدرجات التي تتسع امكاناته، ولهذا حدد المفهوم الفلسفي للحركة بأنها خروج الشئ من القوة إلى الفعل تدريجا وليست عبارة عن فناء الشئ فناء مطلقا ووجود شيء آخر جديد وإنما هي تطور الشئ في درجات الوجود، فيجب إذن أن تحتوي كل حركة على وجود واحد مستمر منذ أن تنطلق إلى أن تتوقف، وهذا الوجود هو الذي يتحرك بمعنى أنه يتدرج ويتطور بصورة مستمرة، وكل درجة تعبر عن مرحلة من مراحل ذلك الوجود الواحد، وهذه المراحل انما توجد بالحركة، ومن هنا لا يملك الشئ المتحرك قبل الحركة تلك المراحل من الوجود التي توجد بالحركة وإلا لم توجد حركة بل هو في لحظة الانطلاق إلى الحركة لا يتمثل إلا في قوى وإمكانات وتستنفد تلك الامكانات والقوى تدريجا