إلى الوجود ولا يجتمع في كل مرحلة من مراحل الحركة إلا الامكان والوجود والقوة والفعلية ولا تناقض بينهما، ولا يجتمع على الفرض في كل مرحلة من مراحلها الوجود والعدم معا حتى يكون بينهما تناقض، فإذن لابد أن تكون العلة شيئا خارج حدود الطبيعة، لأن أي شيء في الطبيعة فوجوده حركة وتدرج، إذ لا ثبات في عالم الطبيعة بموجب قانون الحركة العامة في عالم المادة، وعلى هذا فالحركة الجوهرية التي هي حركة عامة كامنة في صميم طبيعة الأشياء في عالم المادة برمتها بما أنه لا يمكن أن توجد بذاتها، فلا محالة تكون علتها وراء عالمها وهي الواجب بالذات، فإنه يمدها تدريجا ويفيض عليها الحركة مرحلة بعد مرحلة، فإذن لا يمكن حل مشكلة الحادث بالقديم بالحركة الجوهرية إلا على القول بأنها ذاتية وهو باطل بالضرورة، بداهة أن العلة إذا كانت قديمة ثابتة استحال أن يكون المعلول حادثا متجددا على ضوء نظرية الفلاسفة القائلة بأن ذاته الواجبة علة تامة للأشياء بالمفهوم الفلسفي، ولكن تقدم بطلان هذه النظرية وجدانا وبرهانا وعدم امكان الالتزام بها لما يترتب عليه من المحذور المتقدم.
ومن هنا فالصحيح هو ما أشرنا إليه سابقا من أن مبدئية الله تعالى للعالم ككل وخالقيته له إنما هي على أساس قدرته وسلطنته المطلقة على الأشياء برمتها، لا على أساس علية ذاته الواجبة لها بالمفهوم الفلسفي، وتحكم بذلك الفطرة السليمة الوجدانية من ناحية والأدلة القاطعة من ناحية أخرى كما حقق في محله، وعلى هذا فكل فعل صادر منه تعالى بسلطنته واختياره لا بالضرورة والوجوب، وقد سبق أن نسبة السلطنة إلى الطرفين من الفعل نسبة واحدة ولا يخرج الفعل بسببها عن حد الامكان والتعادل إلى حد الضرورة والوجوب، فلذلك يكون صدور الأفعال المتباينة والأشياء المتنوعة المختلفة من ذاته تعالى وتقدس بقدرته وسلطنته على القاعدة، إذ لا مانع من أن تختلف آثاره وتتباين أفعاله طالما لم يكن