حاجة الأشياء إلى العلة كامن في صميم كيانها ووجودها بلا فرق فيها بين الوجود الحدوثي والوجود البقائي تطبيقا للقاعدة الرابعة.
تحصل أن علية الذات الواجبة للأشياء بالمفهوم الفلسفي نتيجة حتمية لتلك القواعد العقلية الضرورية هذا.
والواقع أن في عرض هذه القواعد وتطبيقها جميعا على مبدئية الذات الواجبة للعالم خطأ، توضيح ذلك أنه لا ريب في أن الله تعالى هو مبدأ العالم ككل والكل ينال منه ولكن مبدئيته للعالم ليست على أساس مبدأ التناسب والسنخية كما فسرها الفلاسفة بذلك بل بسلطنته المطلقة على العالم، لأن فاعليته تعالى للأشياء إنما هي بها لا بعلية ذاته الواجبة أو إرادته بالمفهوم الفلسفي، وقد تقدم أن نسبة السلطنة إلى طرفي الأشياء على حد سواء ولا تخرج الأشياء بها عن حد الامكان والتعادل بين الوجود والعدم إلى حد الضرورة وتوجد بها بدون الحاجة إلى ضم مقدمة خارجية إليها، وعلى هذا فالقاعدة الأولى وإن كانت لا تنطبق على سلطنة الباري عز وجل لأنها ليست علة بالمفهوم الفلسفي إلا أنه لا وجه لتخصيص القاعدة بذلك، فإن المراد منها استحالة وجود الشئ بلا سبب سواءا كان ذلك السبب العلة بالمفهوم الفلسفي أم كان السلطنة للفاعل كما تقدم، ومن هنا يظهر أن القاعدة الثانية لا تنطبق على سلطنة الباري عز وجل لعدم التناسب بينها وبين الأشياء الصادرة منها ذاتا، وإن شئت قلت أن سلسلة الوجود وحلقاته التصاعدية لابد أن تبدأ حتما بالواجب بالذات وإلا لتذهب إلى مالا نهاية لها وبالتالي لا وجود لها وهو خلف، وعليه فالحلقة الأولى متمثلة في الواجب بالذات والحلقة الثانية تصدر منه مباشرة بالسلطنة والاختيار لا بالوجوب والضرورة وبدون مناسبة بينهما ذاتا، ولهذا لا يكون خضوع الأشياء لسلطنة