المبغوض لا يكون مقربا. وأما النهي الغيري فبما أنه ينشأ عن أمر خارج عن ذات متعلقه - وهو: كون تركه في المقام مقدمة لواجب مضيق أو ملازما له في الخارج - فلا يكون مانعا عن صحة العبادة والتقرب بها، لأن متعلقه باق على ما كان عليه من المحبوبية، ولم تعرض عليه أية حزازة ومنقصة من قبل النهي المتعلق به.
فعلى ضوء ذلك لا مانع من صحة الإتيان بالفرد المزاحم والتقرب به بداعي الأمر المتعلق بالواجب الموسع، فإن الواجب: هو صرف وجود الطبيعة بين المبدأ والمنتهى، وهو غير مزاحم بواجب آخر، وما هو مزاحم به غير واجب، إذا يصح الإتيان به بداعي أمره كما هو الحال على القول بعدم الاقتضاء.
ونتيجة ذلك: هي عدم ظهور الثمرة بين القولين في هذا المقام، أي: فيما إذا كان التزاحم بين الإتيان بالواجب الموسع ووجوب الواجب المضيق.
ثم إنا لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا أن النهي الغيري كالنهي النفسي مانع عن صحة العبادة والتقرب بها فمع هذا يمكن تصحيحها بما سيجئ من إمكان الأمر بالضدين على نحو الترتب (1).
ونتائج الأبحاث المتقدمة لحد الآن عدة نقاط:
الأولى: أن ما ذكره شيخنا البهائي (قدس سره): من اشتراط صحة العبادة بتحقق الأمر بها فعلا لا يمكن المساعدة عليه بوجه كما عرفت.
الثانية: أن ما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره): من التفصيل في منشأ اعتبار القدرة بين حكم العقل بذلك من باب قبح تكليف العاجز، وبين اقتضاء نفس التكليف ذلك فقد عرفت أنه لا يمكن تصديقه بوجه.
الثالثة: أنه بناء على القول بأن منشأ اعتبار القدرة في متعلق التكليف هو اقتضاء نفس التكليف ذلك فقد عرفت أنه لا يقتضي أزيد من كون متعلقه مقدورا في الجملة في مقابل ما لا يكون مقدورا أصلا.
الرابعة: قد سبق أن التكليف بنفسه لا يقتضي اعتبار القدرة في متعلقه، ولا العقل يحكم بذلك، وإنما يحكم باعتبار القدرة في مقام الامتثال فحسب.