لتصل النوبة إلى ملاحظة المرجح لتقديم أحدهما على الآخر، ولا يشمله ما دل على أن الصلاة لا تسقط بحال من رواية أو إجماع قطعي، ضرورة أن هذا العمل ليس بصلاة.
وأما الفرع الثاني - وهو: ما إذا دار الأمر بين سقوط الطهارة المائية وسقوط قيد آخر - فقد ذكر (قدس سره): أنه يسقط الطهارة المائية، وأفاد في وجه ذلك: أن أجزاء الصلاة وشرائطها وإن كانت مشروطة بالقدرة شرعا - لما دل على أن الصلاة لا تسقط بحال - إلا أن الطهارة المائية خاصة تمتاز عن بقية الأجزاء والشرائط من ناحية جعل الشارع لها بدلا دون غيرها، فبذلك تتأخر رتبتها عن الجميع.
ونأخذ بالمناقشة عليه، وملخصها: هو أن ثبوت البدل شرعا لا يختص بخصوص الطهارة المائية، فكما أن لها بدلا - وهو: الطهارة الترابية - فكذلك لبقية الأجزاء والشرائط.
والوجه في ذلك: هو أن الصلاة إنما هي مأمور بها بعرضها العريض، لا بمرتبتها الخاصة، وهي المرتبة العليا المعبر عنها ب " صلاة المختار ". وعلى هذا، فكما أن المكلف لو لم يتمكن من الصلاة مع الطهارة المائية تنتقل وظيفته إلى الصلاة مع الطهارة الترابية فكذلك لو لم يتمكن من الصلاة في الثوب أو البدن الطاهر، أو مع الركوع والسجود، أو في تمام الوقت، أو مع قراءة فاتحة الكتاب، أو غير ذلك فتنتقل وظيفته إلى الصلاة في بدل هذه الأمور، وهو في المثال الأول:
الصلاة عاريا على المشهور، وفي الثوب النجس على المختار. وفي الثاني: الصلاة مع الإيماء والإشارة. وفي الثالث: إدراك ركعة واحدة من الصلاة في الوقت، فإنه بدل لإدراك تمام الركعات فيه. وفي الرابع: الصلاة مع التكبيرة والتسبيح، وهكذا...
وعلى الجملة: فبما أن الصلاة واجبة بتمام مراتبها بمقتضى الروايات العامة والخاصة فلا محالة لو سقطت مرتبة منها تجب مرتبة أخرى، وهكذا...