إذ كما يجري الترتب على الثاني كذلك يجري على الأول، فلو كانت وظيفة المكلف التيمم في مورد - كما في موارد ضيق الوقت أو نحوه - ولكن خالف أمر التيمم وعصاه فتوضأ أو اغتسل فلا مانع من الحكم بصحة الوضوء أو الغسل من جهة الترتب، وسيأتي الكلام في ذلك بصورة مفصلة.
وأما الخط الثالث: فإن كان غرضه (قدس سره) من إطلاق المتعلق استكشاف مراد المتكلم من ظاهر كلامه فلا شبهة في أنه يتوقف على أن يكون المتكلم في مقام البيان من هذه الجهة. ومن الواضح أن المتكلم ليس في مقام بيان ما يقوم به ملاك حكمه، بل هو في مقام بيان ما تعلق به حكمه فحسب، بل الغالب في الموالي العرفية غفلتهم عن ذلك، فضلا عن كونهم في مقام البيان بالقياس إلى تلك الجهة.
إذا لا يمكن التمسك بالإطلاق لإثبات كون الفرد المزاحم تام الملاك، لعدم تمامية مقدمات الحكمة.
ثم لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا أن المولى في مقام البيان من هذه الجهة - أي: ما يقوم به ملاك حكمه - فأيضا لا يمكن التمسك بإطلاق كلامه، وذلك لأن في الكلام إذا كان ما يصلح لكونه قرينة فلا ينعقد له ظهور، وفي المقام بما أن حكم العقل باعتبار القدرة في متعلق التكليف أو اقتضاء نفس التكليف ذلك الاعتبار صالح للقرينية فلا ينعقد للكلام ظهور في الإطلاق، لاحتمال أن المتكلم قد اعتمد في التقييد بذلك.
وعلى الجملة: فيحتمل أن يكون الملاك في الواقع قائما بخصوص الحصة المقدورة، لا بالجامع بينها وبين غيرها، وعدم تقييد المتكلم متعلق حكمه بها في مقام الإثبات، لاحتمال أنه قد اعتمد في بيان ذلك على اقتضاء نفس التكليف ذلك، أو على الحكم العقلي المزبور.
وما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره) - من أن اقتضاء الطلب لاعتبار القدرة في متعلقه أو حكم العقل بذلك يستحيل أن يكون بيانا ومقيدا لإطلاق متعلقه في مرتبة سابقة عليه، إذا لا معنى لدعوى الإجمال وأن المقام داخل في كبرى احتفاف الكلام بما يصلح لكونه قرينة على التقييد - لا يمكن تصديقه بوجه.