الثالثة في تلك الموارد، وإن كانت الركيزة الأولى والثانية متوفرتين فيها فإن التكليف المعلوم بالإجمال واصل إلى المكلف بالعلم الإجمالي، وعصيانه متحقق على تقدير تحقق المصادفة للواقع، وذلك لأن العلم بتحقق العصيان الموجب لوصول التكليف المترتب وتنجزه على المكلف منتف في هذا الفرض.
الثانية: أن العقاب فيما نحن فيه وفي الشبهات قبل الفحص وفي الموارد المهمة إنما يكون على مخالفة الوجوب الطريقي: كوجوب التعلم أو الاحتياط المستلزمة لمخالفة الواقع. ومن هنا قلنا: إن العصيان حقيقة إنما هو بالنسبة إلى الخطاب الطريقي الواصل عند المصادفة مع الواقع، دون الخطاب الواقعي المجهول.
الثالثة: أنه لا يمكن أخذ النسيان بشئ في موضوع حكم لاستحالة كونه واصلا إلى المكلف، وذلك لأن المكلف إن التفت إلى نسيانه خرج عن موضوع الناسي وصار ذاكرا، وإن لم يلتفت إليه لم يحرز التكليف المترتب عليه، فلا يمكن جعل مثل هذا الحكم الذي لا يمكن وصوله إلى المكلف صغرى وكبرى أبدا.
ولنأخذ بدراسة هذه النقاط:
أما النقطة الأولى: فبناء على ما أفاده (قدس سره) من أن المأخوذ في موضوع الخطاب المترتب هو عصيان الخطاب المترتب عليه فهي في غاية الصحة والمتانة، ضرورة أنه على أساس تلك النقطة لا يمكن القول بالترتب في شئ من الموارد المزبورة كما عرفت. أما فيما نحن فيه وما شاكله فلانتفاء الركيزة الثالثة، وهي: إحراز عصيان الخطاب المترتب عليه، لوضوح أن الأمر بالقراءة الجهرية إذا كان مشروطا بعصيان الأمر بالقراءة الإخفاتية، وبالعكس - ومع ذلك كانت صحة كل واحدة منهما مشروطة بحال الجهل بوجوب الأخرى - لم يمكن إحراز ذلك العصيان بما هو مأخوذ في الموضوع، وإلا لانقلب الموضوع، وأما في الموارد الثلاثة الأخيرة فأيضا الأمر كذلك من جهة انتفاء تلك الركيزة فيها بعينها.
نعم، ما أفاده (قدس سره) من انتفاء الركيزة الثانية في ما عدا المورد الأخير بدعوى: أن