إذا لابد: إما أن ترفع اليد عن إطلاق الموسع والتحفظ على فعلية خطاب المضيق، وإما أن ترفع اليد عن خطاب المضيق والتحفظ على إطلاق الموسع.
فالنتيجة: أن هذا القسم داخل في محل النزاع كالقسم الثالث، غاية الأمر أن التزاحم في القسم الثالث بين نفس الخطابين والتكليفين، وفي هذا القسم بين إطلاق أحدهما وخطاب الآخر. وعلى هذا فإن أثبتنا الأمر بالضدين على نحو الترتب نحكم بصحة الفرد المزاحم، وإلا فلا. نعم، بناء على ما ذكره (قدس سره) من اشتماله على الملاك (1) صح الإتيان به من هذه الناحية أيضا، من غير حاجة إلى الالتزام بصحة الترتب.
وأما بناء على ما حققناه في ذلك البحث: من أن التقابل بين الإطلاق والتقييد ليس من تقابل العدم والملكة، بل هو من تقابل التضاد، ومن هنا قلنا: إن استحالة تقييد متعلق الحكم أو موضوعه بقيد خاص تستلزم كون الإطلاق أو التقييد بخلاف ذلك القيد ضروريا (2)، فتلك الصورة خارجة عن محل النزاع وغير داخلة في كبرى باب التزاحم.
والوجه في ذلك: ما ذكرناه غير مرة: من أن معنى الإطلاق هو رفض القيود، وعدم دخل شئ منها في متعلق الحكم واقعا، لا الجمع بينها ودخل الجميع فيه، وعليه فمعنى إطلاق الواجب الموسع: هو أن الواجب صرف وجوده الجامع بين المبدأ والمنتهى، وعدم دخل شئ من خصوصيات وتشخصات أفراده فيه، فالفرد غير المزاحم كالفرد المزاحم في عدم دخله في متعلق الوجوب وملاكه أصلا، فهما من هذه الجهة على نسبة واحدة (3).
أو فقل: إن متعلق الحكم في الواقع: إما مطلق، بمعنى عدم دخل شئ من الخصوصيات فيه واقعا من الخصوصيات المنوعة أو المصنفة أو المشخصة، أو مقيد بإحداها، فلا ثالث، لاستحالة الإهمال في الواقعيات، فالملتفت إلى هذه