الثالث: اختصاص الوجوب بخصوص الحصة المقدورة من جهة حكم العقل باعتبار القدرة في متعلقه، أو من جهة اقتضاء نفس التكليف ذلك.
الرابع: أن الملاك تابع للإرادة الإنشائية المتعلقة بفعل دون الإرادة الجدية، فإنها قد تخالف الأولى كما في المقام، فإن الإرادة الإنشائية تعلقت بالجامع، والإرادة الجدية تعلقت بحصة خاصة منه، وهي الحصة المقدورة.
والجواب عن ذلك نقضا وحلا. أما نقضا فبعدة من الموارد:
الأول: ما إذا قامت البينة على ملاقاة الثوب للبول - مثلا - ثم علمنا من الخارج بكذب البينة، أو عدم ملاقاة الثوب للبول، ولكن احتملنا نجاسته من جهة أخرى: كملاقاته للدم - مثلا - أو نحوه فحينئذ هل يمكن الحكم بنجاسة الثوب من جهة البينة المذكورة بدعوى: أن الإخبار عن ملاقاة الثوب للبول إخبار عن نجاسته بالدلالة الالتزامية، لأن نجاسته لازمة لملاقاته للبول، وبعد سقوط البينة عن الحجية بالإضافة إلى الدلالة المطابقية من جهة مانع لا موجب لسقوطها بالإضافة إلى الدلالة الالتزامية، لعدم المانع عنها أصلا، ولا نظن أن يلتزم بذلك أحد حتى من يدعي بأن سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية لا يستلزم سقوط الدلالة الالتزامية عنها؟ وهذا واضح جدا.
الثاني: ما إذا كانت الدار - مثلا - تحت يد زيد وادعاها عمرو وبكر، وأخبرت بينة على أنها لعمرو، واخرى على أنها لبكر فتساقطت البينتان من جهة المعارضة بالإضافة إلى مدلولهما المطابقي، فلم يمكن الأخذ بهما ولا بإحداهما فهل يمكن عندئذ الأخذ بالبينتين في مدلولهما الالتزامي - وهو عدم كون الدار لزيد - بدعوى: أن التعارض بينهما إنما كان في مدلولهما المطابقي لا في مدلولهما الالتزامي، وبعد سقوطهما عن الحجية في مدلولهما المطابقي لم يكن موجب لرفع اليد عنهما في مدلولهما الالتزامي - وهو: أن الدار ليست لزيد - فلابد أن يعامل معها معاملة مجهول المالك، ولا نظن أن يلتزم به متفقه فضلا عن الفقيه؟
الثالث: ما إذا شهد واحد على أن الدار في المثال المزبور لعمرو، وشهد آخر