وعليه فدعوى: القطع باشتماله على الملاك بدعوى حكم العقل بعدم الفرق بينه وبين غيره من الأفراد في الوفاء بغرض الطبيعة المأمور بها في غير محلها، ضرورة أن العقل حاكم بالفرق، وأن الفرد المزاحم ليس كغيره من الأفراد الباقية تحت الطبيعة المأمور بها.
وعلى الجملة: حكم العقل بأن فعلا ما مشتمل على الملاك منوط بأحد أمرين لا ثالث لهما:
الأول: ما إذا كان الشئ بنفسه متعلقا للأمر، فإن تعلق الأمر به يكشف عن وجود ملاك فيه لا محالة.
الثاني: ما إذا كان مصداقا للمأمور به بما هو مأمور به، فإنه يكشف عن أنه واف بغرض المأمور به وواجد لملاكه. وأما إذا لم يكن هذا ولا ذاك فلا ملاك لحكمه أصلا. والفرد المزاحم في المقام كذلك - على الفرض - فإنه ليس متعلقا للأمر ولا مصداقا للمأمور به بما هو مأمور به. إذا فلا يحكم العقل بأن فيه ملاكا وأنه واف بغرض المأمور به كبقية الأفراد، بل هو حاكم بضرورة التفاوت بينهما في مقام الامتثال والإطاعة كما هو واضح.
الثاني: ما عن جماعة من المتأخرين منهم شيخنا الأستاذ (قدس سره): من أن سقوط اللفظ عن الحجية بالإضافة إلى مدلوله المطابقي لا يستلزم سقوطه عنها، بالإضافة إلى مدلوله الالتزامي، إذ الضرورة تتقدر بقدرها، وهي تقتضي سقوط الدلالة المطابقية فحسب. إذا فلا موجب لرفع اليد عن الدلالة الالتزامية (1).
وبعبارة واضحة: أن الدلالة الالتزامية وإن كانت تابعة للدلالة المطابقية في مقام الثبوت والإثبات إلا أنها ليست تابعة لها في الحجية.
والوجه في ذلك: هو أن ظهور اللفظ في معناه المطابقي غير ظهوره في معناه الالتزامي، وكل واحد من الظهورين حجة في نفسه بمقتضى أدلة الحجية، ولا