الزمان، لما عرفت من أن نسبة الحكم إلى متعلقه نسبة المقتضي إلى مقتضاه في الخارج (1)، وعلى هذا، فكما أن الأمر بالأهم يقتضي إيجاد متعلقه في الزمان المزبور فكذلك الأمر بالمهم يقتضي إيجاده فيه، لفرض كونه فعليا في ذلك الزمان، إذ لا معنى لفعلية الأمر في زمان إلا اقتضاءه إيجاد متعلقه فيه خارجا ودعوته إليه فعلا، وعلى هذا فلا محالة يلزم من اجتماعهما في زمان واحد المطاردة بينهما في ذلك الزمان من جهة مضادة متعلقيهما في الوجود، مع أن الأمر بالمهم لو لم يقتض طرد الأهم فالأمر به لا محالة يقتضي طرد الأمر بالمهم، وهذا يكفي في استحالة طلبه.
وغير خفي أن صدور هذا الكلام منه (قدس سره) غريب.
والوجه في ذلك: هو أنه لا يعقل أن يكون الأمر بالمهم طاردا للأمر بالأهم، بداهة أن طرده له يبتنى على أحد تقديرين لا ثالث لهما:
أحدهما: أن يكون الأمر بالمهم مطلقا وفي عرض الأمر بالأهم، فحينئذ لا محالة تقع المطاردة بينهما من ناحية مضادة متعلقيهما، وعدم تمكن المكلف من الجمع بينهما.
الثاني: أن يكون الأمر به على تقدير تقييده بعصيان الأهم مقتضيا لعصيانه وتركه في الخارج، فعندئذ تقع المطاردة والمزاحمة بين الأمرين لا محالة، باعتبار أن الأمر بالمهم يقتضي عصيان الأهم وترك متعلقه، والأمر بالأهم يقتضي هدم عصيانه ورفعه.
ولكن كلا التقديرين خلاف مفروض الكلام.
أما الأول: فواضح، لما عرفت من أن محل الكلام فيما إذا كان الأمر بالمهم مقيدا بحال ترك الأهم وعصيان أمره، فلا يكون مطلقا.
وأما الثاني: فلما تقدم من أن الحكم يستحيل أن يقتضي وجود موضوعه في الخارج وناظرا إليه رفعا ووضعا.