فأيضا تدخل في ذلك الباب، وتقع المعارضة بين دليليهما، فلابد من الرجوع إلى قواعدها.
وأما إذا بنينا على عدم السراية - كما هو الصحيح - فعندئذ إن كانت هناك مندوحة فلا تزاحم أيضا، لفرض قدرة المكلف على امتثال كلا الحكمين معا، وأما إذا لم تكن مندوحة في البين فتقع المزاحمة بينهما.
فإذا لابد من الرجوع إلى مرجحات وقواعد بابها، وهذا لا كلام فيه، وإنما الكلام في ناحية أخرى، وهي: أنه هل يمكن الالتزام بالترتب فيه أم لا؟
فقد ذكر شيخنا الأستاذ (قدس سره): أنه لا يمكن الالتزام بالترتب فيه ببيان: أن عصيان النهي في مورد الاجتماع: إما أن يكون بإتيان فعل مضاد للمأمور به في الخارج وهو الصلاة - مثلا - كأن يشتغل بالأكل أو الشرب أو ما شاكل ذلك، وإما أن يكون بنفس الإتيان بالصلاة، وعلى كلا التقديرين لا يمكن أن يكون الأمر بالصلاة مشروطا به.
أما على التقدير الأول: فلأنه يلزم أن يكون الأمر بأحد الضدين مشروطا بوجود الضد الآخر، وهذا غير معقول، لأن مرده إلى طلب الجمع بين الضدين في الخارج، لفرض أنه أمر بإيجاد ضد على تقدير وجود ضد آخر.
وأما على التقدير الثاني فلأنه يلزم أن يكون الأمر بالشئ مشروطا بوجوده في الخارج، وهو غير معقول، لأنه طلب للحاصل كما لا يخفى.
ولكن للمناقشة فيما أفاده (قدس سره) مجال واسع، وهي: أن المنهي عنه في المقام إنما هو الكون في الأرض المغصوبة، لأنه تصرف في مال الغير - حقيقة - ومصداق للغصب. ومن الواضح - جدا - أنه لا مانع من اشتراط الأمر بالصلاة على عصيان النهي عنه، كأن يقول المولى: لا تكن في أرض الغير وإن كنت فيها فتجب عليك الصلاة، فيكون الأمر بالصلاة معلقا على عصيان النهي عن الكون فيها، ولا يلزم من اشتراط أمرها بعصيانه أحد المحذورين المذكورين، أعني بهما: لزوم طلب الجمع بين الضدين، واشتراط الأمر بالشئ بوجوده وتحققه في الخارج.