القدرة في موضوع حكمه، وهو لزوم الامتثال ووجوبه، لا في موضوع حكم الشرع ومتعلقه، فلا مقتضي لاعتبار القدرة في متعلق الطلب أصلا.
وعلى هذا الضوء فالصحيح هو الجواب الأول: من أن المتكلم غالبا بل دائما ليس في مقام بيان ما يقوم به ملاك حكمه حتى يمكن التمسك بالإطلاق فيما إذا شك في فرد أنه واجد للملاك أم لا؟ ومع قطع النظر عن ذلك وفرض أن المتكلم في مقام البيان حتى من هذه الجهة فلا مانع من التمسك بالإطلاق، إذ قد عرفت أنه لا حكم للعقل ولا اقتضاء للتكليف لاعتبار القدرة في متعلقه ليكونا صالحين للبيان ومانعين عن ظهور اللفظ في الإطلاق.
وعلى كل حال فما أفاده (قدس سره) لا يرجع إلى معنى محصل على وجهة مذهبه.
وأما إذا كان غرضه (قدس سره) من التمسك بالإطلاق كشف الملاك من باب كشف المعلول عن علته - سواء أكان المولى في مقام البيان من هذه الجهة أم لا، كما هو صريح كلامه (قدس سره) حيث قال: إن هذا الكشف عقلي لا يدور مدار كون المولى في مقام البيان وعدمه (1) - فيرده: ما ذكرناه عند الجواب عن المحقق صاحب الكفاية (قدس سره): من أن تعلق الحكم بشئ وإن كان كاشفا عن وجود الملاك فيه بناء على مذهب العدلية من تبعية الأحكام لما في متعلقاتها من المصالح والمفاسد الواقعيتين إلا أن ذلك في ظرف تحققه ووجوده. وأما إذا سقط ذلك الحكم فلا يمكن استكشاف الملاك فيه على تفصيل تقدم هناك، فلا حاجة إلى الإعادة.
ونزيدك هنا إلى ذلك: أن متعلق الحكم على مسلكه (قدس سره) خصوص الحصة المقدورة دون الأعم منها ومن غيرها. وعليه فلا يعقل أن يكون الحكم كاشفا عن وجود الملاك في الأعم منها، بداهة أن المعلول إنما يكشف عن وجود علته بمقدار سعته دون الزائد. مثلا: الحرارة الناشئة من النار إنما تكشف عنها خاصة، لا عن مطلق سببها. وقد تقدم أن الكاشف عن وجود ملاك في فعل هو كونه متعلقا لإرادة المولى واقعا وجدا، ولا أثر لتعلق الإرادة الإنشائية به أصلا.