إذا لم تكن هناك جهة أخرى تقتضي تقديم الآخر عليه، كما هو الحال فيما إذا وقعت المزاحمة بين وجوب الحج ووجوب الوفاء بالنذر، فإن النذر وإن كان متقدما على الحج زمانا - كما إذا كان قبل أشهر الحج - إلا أن الوفاء به بما أنه يستلزم ترك الواجب فلا ينعقد ليزاحم وجوب الحج.
الرابعة: أن وجوب الوفاء بالنذر أو ما يشبهه مشروط بكون متعلقه راجحا في ظرف العمل، وبما أن متعلق النذر في مفروض المقام ليس براجح في ظرف العمل، لاستلزامه تحليل الحرام وهو ترك الحج فلا يكون مشمولا لأدلة وجوب الوفاء، ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا كفاية الرجحان حين النذر وإن لم يكن راجحا حين العمل فمع ذلك لا يمكن الحكم بصحته، لفرض اشتراط انعقاده بأن لا يكون متعلقه في نفسه محللا للحرام، وبما أنه في المقام موجب له فلا ينعقد.
الخامسة: أن اشتراط وجوب الوفاء بالنذر بالقدرة شرعا إنما هو باقتضاء نفس الالتزام النذري فإنه يقتضي كون متعلقه خصوص الحصة المقدورة، نظير ما ذكرناه من اقتضاء نفس الطلب لاعتبار القدرة في متعلقه، وهذا عين اعتبار القدرة في متعلق التكليف شرعا.
السادسة: أن لازم ما ذكره السيد (قدس سره) في العروة هو جواز تحليل المحرمات بالنذر، وهذا باطل قطعا.
ولنأخذ بالمناقشة في عدة من هذه النقاط:
أما النقطة الأولى فيرد عليها: أن المقام غير داخل في كبرى تزاحم الواجبين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة شرعا.
والوجه فيه: هو أن ذلك يبتنى على ما هو المعروف والمشهور بين الأصحاب من تفسير الاستطاعة بالتمكن من أداء فريضة الحج عقلا وشرعا، كما هو المناسب لمعناها لغة، فعندئذ لا محالة يكون المقام داخلا في تلك الكبرى.
وأما بناء على ما هو الصحيح من تفسيرها بأن يكون عنده الزاد والراحلة