مشروط بالعزم على عصيان الأمر بالأهم (1) غير صحيح، فإنه على هذا لا يكون الأمر بالأهم رافعا لموضوع الأمر بالمهم وهادما له تشريعا، فإن الأمر بالأهم إنما يقتضي عدم عصيانه، لا عدم العزم على عصيانه.
فالنتيجة: أن ما أفاده (قدس سره) هنا أمران:
الأول: أن ملاك عدم لزوم طلب الجمع بين الضدين من اجتماع الأمرين في زمان واحد إنما هو اختلافهما في الرتبة.
الثاني: أن ما أفاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء (قدس سره) غير صحيح.
ولنأخذ بالمناقشة في كلا الأمرين:
أما الأمر الأول فيرده أولا: ما ذكرناه مرارا من أن الأحكام الشرعية ثابتة للموجودات الزمانية ولا أثر لاختلافها في الرتبة، وعلى هذا فلا أثر لتقدم الأمر بالأهم على الأمر بالمهم رتبة بعدما كانا متقارنين زمانا، بل القول بالاستحالة أو الإمكان يبتنى على أن قضية اجتماع الأمرين في زمان هل هي طلب الجمع بين متعلقيهما في الخارج أم لا؟ ولا يفرق في ذلك بين كونهما مختلفين في الرتبة أم لا، ضرورة أن اختلافهما في الرتبة لا يوجب اختلافهما في الزمان، فإن من الواضح أن المحال إنما هو طلب الجمع بين الضدين في الخارج لا في الرتبة، لما عرفت من أن التضاد والتماثل والتناقض وما شاكلها جميعا من صفات الموجودات الخارجية، فلا تتصف الأشياء بتلك الصفات، مع قطع النظر عن وجوداتها في الخارج.
ومن هنا قلنا: إنه لا مضادة ولا مناقضة في المرتبة أصلا. ومن هنا جاز اجتماع الضدين أو النقيضين في رتبة واحدة، كما جاز ارتفاعهما عنها.
أما الأول: فلما حققناه من أن النقيضين وكذا الضدين في مرتبة واحدة، وهذا معنى اجتماعهما في المرتبة.