في المنع من الوجوب. وأما لو حصلت الاستطاعة أولا ثم حصل واجب فوري آخر لا يمكن الجمع بينه وبين الحج يكون من باب المزاحمة، فيقدم الأهم منهما، فلو كان مثل إنقاذ الغريق قدم على الحج، وحينئذ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب الحج فيه، وإلا فلا، إلا أن يكون الحج قد استقر عليه سابقا، فإنه يجب عليه ولو متسكعا) (1).
ثم قال في مسألة أخرى ما لفظه: (النذر المعلق على أمر قسمان: تارة يكون التعليق على وجه الشرطية، كما إذا قال: إن جاء مسافري فلله علي أن أزور الحسين (عليه السلام) في عرفة. وتارة يكون على نحو الواجب المعلق، كأن يقول: " لله علي أن أزور الحسين (عليه السلام) في عرفة عند مجئ مسافري " فعلى الأول يجب الحج إذا حصلت الاستطاعة قبل مجئ مسافره، وعلى الثاني لا يجب، فيكون حكمه حكم النذر المنجز في أنه لو حصلت الاستطاعة وكان العمل بالنذر منافيا لها لم يجب الحج، سواء حصل المعلق عليه قبلها أو بعدها، وكذا لو حصلا معا لا يجب الحج، من دون فرق بين الصورتين. والسر في ذلك: أن وجوب الحج مشروط، والنذر مطلق، فوجوبه يمنع من تحقق الاستطاعة) (2).
أقول: نتيجة ما ذكره (قدس سره) أمور:
الأول: أن وجوب الوفاء بالنذر يتقدم على وجوب الحج مطلقا إذا كان النذر قبل حصول الاستطاعة وكان منجزا ثم حصلت الاستطاعة، لأن وجوب الوفاء بالنذر رافع لموضوع وجوب الحج وهو الاستطاعة، فلا يكون المكلف معه قادرا على أداء فريضة الحج شرعا.
الثاني: أنه إذا كان هناك واجب مطلق فوري قبل تحقق الاستطاعة ثم تحققت ولم يتمكن المكلف من الجمع بينه وبين الحج قدم ذلك الواجب على الحج وإن لم يكن أهم منه.