لا يوجب سقوط ذلك أصلا. فإذا الساقط هو خصوص القيد دون المقيد.
الخامسة والعشرون: أن ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره): من تطبيق كبرى باب التزاحم على تلك الفروع غير تام، وعلى تقدير التنزل وتسليمه فما أفاده (قدس سره) من المرجحات لتقديم بعض الأجزاء أو الشرائط على بعضها الآخر لا يتم على إطلاقه، كما سبق بصورة مفصلة.
تذييل: وهو: أن شيخنا الأستاذ (قدس سره) قد قسم التزاحم إلى سبعة أقسام:
الأول: التزاحم بين الحكمين من غير ناحية عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في مقام الامتثال. وقد تقدم الكلام فيه مفصلا، وقلنا هناك: إنه ليس من التزاحم في شئ، بل هو من التعارض، فلاحظ.
الثاني: التزاحم في الملاكات بعضها مع بعضها الآخر، كأن يكون في الفعل جهة مصلحة تقتضي إيجابه، وجهة مفسدة تقتضي حرمته، وهكذا. وقد سبق الكلام فيه أيضا، وذكرنا هناك: إن هذا النوع من التزاحم خارج عن محل الكلام بالكلية، وإن الأمر فيه بيد المولى. وعليه أن يلاحظ الجهات الواقعية والملاكات النفس الأمرية الكامنة في الأفعال الاختيارية للعباد، فيجعل الحكم على طبق ما هو الأقوى والأهم منها دون غيره (1).
وأما إذا لم يكن أحدهما أقوى من الآخر بل كانا متساويين فليس الحكم في هذه الصورة التخيير، كما هو الحال في التزاحم بين الأحكام بعضها مع بعضها الآخر، ضرورة أن التخيير فيها غير معقول، فلا معنى لتخيير المولى بين جعل الحكم على طبق هذا وجعله على طبق ذاك، فإن جعله على طبق كليهما غير معقول، وعلى وفق أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح، مع أنه بلا مقتض، فإذا يسقطان معا، لأن الملاك المزاحم بالملاك الآخر لا أثر له أصلا، فعندئذ يمكن للمولى أن يجعل له الإباحة.