محض فلا يترتب عليه أثر أصلا (1).
الوجه الثاني (2): قد استدل بعضهم على أن الأمر بشئ يقتضي النهي عن ضده، بأن وجود الضد ملازم لترك الضد الآخر، والمتلازمان لا يمكن اختلافهما في الحكم بأن يكون أحدهما واجبا والآخر محرما، وعليه فإذا كان أحد الضدين واجبا فلا محالة يكون ترك الآخر أيضا واجبا، وإلا لكان المتلازمان مختلفين في الحكم وهو غير جائز (3).
أقول: هذا الدليل أيضا مركب من مقدمتين:
الأولى: صغرى القياس، وهي ثبوت الملازمة بين وجود شئ وعدم ضده.
الثانية: كبراه، وهي عدم جواز اختلاف المتلازمين في الحكم.
أما المقدمة الأولى: فلا إشكال فيها.
وأما المقدمة الثانية: فقد ذكروا: أن المتلازمين لابد أن يكونا متوافقين في الحكم، فإذا كانت الإزالة - مثلا - واجبة فترك الصلاة الذي هو ملازم لفعل الإزالة لا محالة يكون واجبا، لأنه يمتنع أن يكون محرما لاستلزامه التكليف بالمحال.
ولا فرق في ذلك بين الضدين اللذين لا ثالث لهما: كالحركة والسكون وما شاكلهما، والضدين اللذين لهما ثالث: كالسواد والبياض والقيام والجلوس ونحوهما، غاية الأمر أنه على الفرض الأول كان الاستلزام من الطرفين، فكما أن وجود كل منهما يستلزم عدم الآخر كذلك عدم كل منهما يستلزم وجود الآخر.
وأما على الفرض الثاني فوجود كل واحد منهما يستلزم عدم الآخر دون العكس، إذ يمكن انتفاؤهما معا، وذلك لأن ملاك دلالة الأمر بالشئ على النهي عن ضده هو استلزام وجود